الأربعاء، 7 فبراير 2018

نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية

قال الشّيخ العلاّمة محمد علي فركوس 
حفظه -الله تعالى- :


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالناظر إلى ما يجري في الساحة الدَّعْوية المحلِّيَّة يجد دفاعًا مستميتًا لتصحيحِ مواقفِ رجالٍ مِنَ الدُّعَاة الذين ركبوا منهجَ التمييع ـ في الجملة ـ وإِنْ نفَوْه عن أَنْفُسهم، ولكنَّه جليٌّ واضحٌ في مواقفهم وصُحبتهم ودعوتهم، وأرادوا فَرْضَه ـ تدريجيًّا ـ على غيرهم مِنَ الدُّعَاة نموذجًا بديلًا عمَّا يُسمُّونه بمنهجِ «الغُلُوِّ والتبديع»، ودعَّموه بطُرُقٍ شتَّى، وجنَّدوا له ـ بإملاءاتهم ـ شبابًا مِنْ ذوي العَجَلة، بإشاعة الأخبار والقلاقلِ وترويجِها وإذاعتِها، وعدمِ الانضباط بالقواعد العامَّة في الردِّ على المخالف، ولا الالتزامِ بآدابِ طالب العلم، تاركين العملَ بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٨٣]؛ فضاع إخلاصُ النيَّة لله تعالى في مقالاتهم وسطورهم، وتمكَّنَتْ منهم حظوظُ النفس والهوى، وغابَتِ الأمانةُ في النقل وتحرِّي الدِّقَّة وطلبِ الحقِّ، وحلَّ مَحَلَّها الكذبُ والخيانة؛ فعابوا كلامَ أكابرِهم في السنِّ والعلم والدراية والأدب وتجرَّؤوا عليهم، ووصفوا بعضَهم بالنقصان والوسوسة مِنْ غيرِ حياءٍ ولا خجلٍ ولا اعتذارٍ، وسفَّهوا أقوالَهم فلبَّسوا على العامَّة، وبَلْبَلوا عقولَ الناشئة، وحملهم جهلُهم وقلَّةُ زادِهم على أَنْ أنزلوا أَنْفُسَهم منزلةَ أهلِ الحلِّ والعقد، زاعمين أنَّ نوعَ الخلاف شخصيٌّ وانتصارٌ للنفس وارتفاعٌ بها، وغاب عنهم أنَّ لُبَّ القضيَّةِ ومِحْوَرَ المسألةِ منهجيٌّ بحتٌ، يكمن في تصحيحِ المَسار الدَّعْويِّ ومنعِ المتاجرة بالدَّعوة إلى الله، والحدِّ مِنْ سياسة التنازلات في القضايا الشرعية لحساب المصالح الشخصية.

وقد جاء عن عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه قولُه لقَبِيصَةَ بنِ جابرٍ: «يَا قَبِيصَةُ، إِنِّي أَرَاكَ شَابًّا حَدِيثَ السِّنِّ فَصِيحَ اللِّسَانِ فَسِيحَ الصَّدْرِ، وَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الرَّجُلِ تِسْعَةُ أَخْلَاقٍ صَالِحَةٌ وَخُلُقٌ سَيِّئٌ فَيَغْلِبُ خُلُقُهُ السَّيِّئُ أَخْلَاقَهُ الصَّالِحَةَ؛ فَإِيَّاكَ وَعَثَرَاتِ الشَّبَابِ»(١)، قلت: فما بالُك مَنْ تساوَتْ حسناتُه وسيِّئاتُه، أو فاقَتْ سيِّئاتُه حسناتِه حجمًا وعددًا؟!!

هذا، وإنِّي ـ في هذا المَقام ـ أنصح إخواني في مُنتدى «التَّصفية والتَّربية» أَنْ يحرصوا على أوقاتهم ويُنْفِقوها في مَرْضاة الله تعالى، ولا يبدِّدوها في الردود على المُخالِفين بعد تجلية العبارة ومعرفةِ الحقِّ المبين، وعليهم أَنْ يَلْزموا غَرْزَ العلماء والدُّعَاة والمشايخ ممَّنْ عُرِفوا بالعلم والعمل وصفاءِ العقيدة وسلامةِ المنهج، مع توقيرهم وتقديرِهم واحترامهم، وعليهم أَنْ يكونوا على يقظةٍ مِنْ مكر الحاقدين والمُغْرِضين والشانئين والمُنْدَسِّين، وتلاعُبِ المُشاغِبين والمُناوِئين والمُنتهِزين، وأضرابهم ممَّنْ يكيدون للدعوة إلى الله تعالى عبر منتدياتهم وتغريداتهم ومختلفِ الوسائل الأخرى، وذلك في الداخل والخارج، وأَنْ يترفَّعوا عن سفاسف الأمور ودنايا الأعمال؛ اتِّصافًا بصفاتِ عباد الرحمن الذين لا يحضرون الزورَ ويجتنبون التهويشَ واللغو ومجالسَ السوء والجدال بالباطل، وأَنْ يتنزَّهوا بأَنْفُسِهم عن إضاعة الوقت والعُمُر في الخوض في كلام السفهاء الذي لا خيرَ فيه مِنَ الغِيبة والسبِّ والقذف والاستهزاء والاستخفاف ونحوِ ذلك.

وختامًا، أنصح عامَّةَ الطلبة أَنْ يُلازِموا العلمَ والعمل والتقوى والعبادة، وأن يحترموا مشايخَهم وذوي الفضل فيهم مِنْ غيرِ افتِيَاتٍ أو افتِئَاتٍ عليهم، وأَنْ يتخلَّقوا بأخلاق القرآن عامَّةً، وبالإخلاص والصدق ـ اللَّذَيْن هما رُكْنَا التوحيد ـ خاصَّةً، دون مخالطةِ دناءة المُتهالِكين على فُتاتِ الحياة الدنيا الفاني.

وفَّق الله الجميعَ لِمَا يُحبُّ ويرضى، وأصلح اللهُ العبادَ والبلاد، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٩ ربيع الآخر ١٤٣٩ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٧ ديسمبر ٢٠١٧م


ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) انظر: «الدرَّ المنثور في التفسير بالمأثور» للسيوطي (٣/ ١٩١).

رابط المقال بموقع الشّيخ : إضغط هنا

السبت، 11 مارس 2017

تحميل كتاب : الأفنان الندية شرح منظومة السبل السوية لفقه السنن المروية
عنوان الكتاب : الأفنان الندية شرح منظومة السبل السوية لفقه السنن المروية لناظمها الشيخ حافظ بن أحمد بن علي الحكمي رحمه -الله تعالى- 
تأليف : الشيخ العلامة زيد بن محمد بن هادي المدخلي رحمه -الله تعالى- 
الناشر : دار علماء السلف للطباعة و النشر و التوزيع 
الطبعة الثانية 1413 - 1993 
عدد المجلدات : 07 عدد الصفحات : 3130 
مقدمة الطبعة الثانية : 
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه و اهتدى بهداه . أما بعد 
فإن إعادة طبع كتابي "الأفنان الندية" شرح منظومة "السبل السوية لفقه السنن المروية" أمنية غالية لي و لكل من عرف الكتاب نظما و شرحا ذلك بأني قد تمكنت بفضل الله في المدة الكائنة بين الطبعة الأولى و الطبعة الثانية من إصلاح أمور و إضافة أخرى تسر القراء الكرام منها : 
1 - وضع التصويبات في أماكنها من الكتاب بعد أن كانت مطبوعة في خارج الكتاب في عشرين صفحة من القطع الوسط . 
2 - وضع الإستدراكات التي كانت في آخر الجزء السابع من الكتاب في الطبعة الأولى في مواضعها المتفرقة في أجزاء الكتاب . 
3 - و من المعلوم أن الهامش كتاب ثمين عند العارفين قدره و فضله , و هامش كتابي هذا قد اشتمل على تراجم للأعلام و تعليقات مليحة و ضوابط مفيدة و توثيقات و تخريجات للنصوص من آيات و أحاديث و آثار و نقول كلها مهمة , و حيث أن بعض الأحاديث المصححة - و هي قليلة - كنت قد اكتفيت بتوثيقها عن تخريجها ﻷسباب خاصة , فإنني قد أوليتها اهتماما في هذه الطبعة إذ أضفت تخريجها إلى توثيقها فنظم بذلك نور إلى نوره . 
و أخيرا فإنه يسرني أن يصل هذا الكتاب كاملا إلى محبي الفقه في الدين من المسلمين و المسلمات في العالم الإسلامي كله بما فيه . 
و صلى الله و سلم على عبده و رسوله محمد و على آله و صحبه و سلم . 
المؤلف