تتصدّرها خلافات الأزواج والأبناء

%24 زيادة في عدد قضايا العنف الأسري في أبوظبي خلال 2013

العنف الجسدي هو أكثر أنواع العنف. تصوير: أحمد عرديتي

أشارت إحصاءات نيابة الأسرة في أبوظبي إلى زيادة نسبة قضايا العنف الأسري، التي أحيلت إلى النيابة خلال العام الماضي، بنسبة تصل إلى نحو 24% مقارنة بالعام السابق عليه، إذ ارتفعت من 679 قضية خلال 2012 إلى 840 قضية في 2013. وكان عدد القضايا خلال عام 2011 نحو 473 قضية، مقابل 313 قضية في 2010، ما يشير إلى بداية ظهور آثار هذه الظاهرة بشكل ملموس في المجتمع.

وعن القضايا التي وقعت العام الماضي من الوالدين على أبنائهما أو العكس، فبلغ عددها 133 قضية، وشملت تغيب الأبناء عن المنزل، والإهمال العائلي الذي يؤدي إلى تعريض الأطفال للإصابة الجسيمة، ثم الاعتداء على سلامة الجسم، والتهديد والسب والقذف.

أما القضايا التي وقعت من أشقاء فبلغ عددها 77 قضية، وتصدرتها «الاعتداء على سلامة الجسم»، لتكون أحد أهم مظاهر العنف الأسري، ثم جريمة القذف والسب، وأخيراً التهديد.

وأكد رئيس نيابة الأسرة في أبوظبي، محمد راشد الظنحاني، خلال الملتقى الإعلامي الشهري في دائرة القضاء، أمس، صعوبة تحديد حجم مشكلة العنف الأسري، بسبب عدم الإبلاغ عن معظم الحالات «باعتبارها مشكلة شخصية، عائلية، لا ينبغي أن تتجاوز أسوار البيت»، وكذلك بسبب الخوف إما من المعتدي نفسه، أو بسبب خوف المرأة من تفكك أسرتها، أو الخوف من المجتمع، بسبب العادات والتقاليد السائدة.

العنف الأسري

بينت الإحصاءات أن العنف الذي تتعرض له الزوجات جاء في مقدمة قضايا العنف عام 2012، البالغ عددها 380 قضية. وكان في مقدمة صوره: الاعتداء على سلامة الجسم، ثم السبّ والقذف، وبعدهما التهديد، ثم جرائم التعريض للخطر.

أما القضايا التي وقعت من الوالدين على أبنائهما، أو العكس، وعرضت على نيابة الأسرة خلال 2012، فبلغ عددها 183 قضية. وتصدرت قائمة الشكاوى القضايا المتعلقة بإبلاغ الوالدين عن تغيب أبنائهما عن المنزل.

وعن القضايا التي تقع من الأشقاء داخل الأسرة، فكانت جريمة الاعتداء على سلامة الجسم أحد أهم مظاهرها، تبعتها جريمة القذف والسبّ، وأخيراً جريمة التهديد.

ولفت إلى عدم وجود قوانين خاصة بالعنف الأسري، بل حماية توفرها نصوص قانونية متناثرة في قانون العقوبات، كجرائم عادية وليست جرائم عنف أسري.

وعرف الظنحاني العنف الأسري بأنه «السلوك الذي يصدر من أحد أفراد الأسرة، ويلحق ضرراً مادياً أو معنوياً أو كليهما بفرد من أفراد الأسرة، ويعني ذلك تحديداً الضرب بأنواعه، وحبس الحرية، والحرمان من الحاجات الأساسية، وتالياً فهو يشمل عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها، وعنف الوالدين تجاه الأولاد والعكس، وكذلك العنف ضد البنت غير المتزوجة، الذي يمارس من جانب أشقائها أو والدها، ومصادرة حقوقها في مواصلة الدراسة، وعدم الاكتراث برأيها بخصوص الزواج، ومصادرة حريتها.

وأوضح أنه من خلال دراسة وتحليل مضامين القضايا والشكاوى التي وردت إلى نيابة الأسرة، تبين أن العنف الجسدي هو أكثر أنواع العنف انتشاراً، ويشمل الضرب بأنواعه، وجرائم السب والشتم والتهديد، إضافة إلى إهمال الوالدين رعاية الطفل، ما يؤدي إلى إصابته بإصابات جسيمة قد تؤدي إلى وفاته، إضافة إلى العنف الجنسي مثل الاغتصاب وهتك العرض، والتخويف، والاستغلال، وعدم الاكتراث وفرض الآراء على الآخرين، والاحتقار، والطرد والإرغام على القيام بفعل ضد رغبة الفرد، مؤكداً أن المساس بالمشاعر وغمط الحقوق ومصادرة الرأي والتعامل بعدم الاحترام، تعد نوعاً من أنواع العنف ضد المرأة.

وأشار الظنحاني إلى أن أهم أسباب العنف الأسري بين الأزواج فقدان الاحترام بين الزوجين، والتمادي في إهانة كل منهما للآخر، ما يثير حفيظة الزوج، ومن ثم يقوم بالاعتداء على زوجته بالضرب والسب والتهديد. وتشمل قائمة الأسباب أيضاً اضطراب العلاقة بين الزوجين من إهمال الواجبات الزوجية، ومن بينها عدم قيام الزوج بإشباع حاجات زوجته العاطفية والمادية، وكذلك خروج المرأة للعمل ما أدى إلى تقصير الزوجة في أداء واجباتها الزوجية، وغيرة الزوج على زوجته، واعتماد بعض الأزواج على راتب الزوجة، وفي بعض الحالات يقوم الزوج بدفع الزوجة إلى الاستدانة، ما ينعكس أثره أيضاً على العلاقة الزوجية ويؤدي إلى العنف بين الزوجين، إضافة إلى الخيانات الزوجة التي تعد سبباً رئيساً في الفرقة بين الزوجين، وكذلك تعاطي المسكرات من مخدرات وكحول.

كما تترك صديقات الزوجة، خصوصاً المطلقات منهن، أثراً كبيراً في العلاقة الزوجية، إذ تسعى الزوجة إلى تقليدهن، ما يثير التوتر في العلاقة الزوجية، ويولد عنف الزوج تجاه زوجته.

أما أسباب انتشار العنف بين الوالدين مع أبنائهما، فتتضمن الإهمال في رعاية الأبناء، وافتقاد الحوار المتبادل بين الابن ووالديه، والهروب من المشكلات الأسرية في المنزل، فضلاً عن ضعف رقابة الأهل على ما تذيعه القنوات من برامج تبث ثقافات دخيلة على مجتمعنا من إباحية الحب، والعلاقات المحرمة، والحمل السفاح، والسكن عند الصديق في مكان واحد، وغيرها من العادات الغريبة، وكذلك انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وإساءة استخدامها.

أما حالات اعتداء الوالدين على الأبناء، فتبين أن أغلبها سببه انفصال الزوجين، إذ يلجأ كل طرف إلى الاعتداء على أطفاله انتقاماً من الطرف الآخر، ومنع الطفل من التواصل معه، وحالات أخرى كان سبب الاعتداء فيها التأديب، حيث يسرف الوالدان في استعمال هذا الحق، ما نتج عنه إصابات بليغة بالطفل، وصلت في بعض القضايا إلى الوفاة.

وأوصى الظنحاني، في الورقة التي قدمها في الملتقى، بضرورة إيجاد قوانين خاصة تنظم مسألة العنف الأسري، قائمة على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي أمر باحترام كرامة الإنسان وحفظ حقوقه، على أن تتضمن هذه القوانين أحكاماً خاصة بالإبلاغ والإجراءات الواجب اتباعها من خلال عدم اقتصار الحق على الإبلاغ عن جريمة العنف الأسري على المجني عليه أو المتضرر، إنما يقر هذا الحق لكل من اتصل علمه وجعل الإبلاغ عن حالات العنف، خصوصاً ضد الأطفال، إلزامياً لكل من اتصل علمه بهذا العنف، وترتيب عقوبة على من يخالف ذلك.

ونصت التوصيات على ضرورة أن تتضمن القوانين الخاصة بالعنف الأسري تحديد الإجراءات التي يتعين اتخاذها لضمان توفير الحماية اللازمة للمجني عليه عند الإبلاغ عن العنف الذي يتعرض له الطفل أو المرأة بإبعاد الجاني عن المنزل، أو بنقل المجني عليه إلى أحد مراكز الإيواء المخصصة لهذا الغرض، وإنشاء مؤسسات معنية بالأسرة، وحماية الأطفال والنساء للحد من العنف الأسري، وتقديم خدمات للنساء والأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري، والمساعدة في تأهيل الجاني مرتكب العنف الأسري، مع إنشاء مكان مخصص للنساء أو الأطفال، الذين أبلغوا عن العنف الذي يتعرضون إليه داخل الأسرة، إلى حين إنهاء إجراءات التقاضي لتفادي الاصطدام مع الجاني مرة أخرى بعد الإبلاغ عنه و يكرر الاعتداء مرة أخرى، والاهتمام بالرعاية اللاحقة للأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري من قبل المؤسسات المعنية بحماية الطفل والمرأة، بحيث يهتمون بالجانب النفسي والعقلي للطفل أو المرأة، لمحاولة إزالة الآثار النفسية السيئة التي خلفها العنف.

كما أوصت الورقة بضرورة أن تتضمن القوانين الخاصة بالعنف الأسري النص على مجموعة من التدابير في حالات العنف التي لا تصل إلى مرتبة الجريمة، ولا تطبق عليها القوانين الجزائية، مثل إحالة المتهم بجريمة العنف الأسرى إلى أحد مراكز التأهيل، وإخضاعه لبرامج تأهيل وتدريب، وفى حالة العودة يعاقب المتهم بعقوبة أمر خدمة المجتمع، وتقرر المحكمة المدة الزمنية للخدمة ومكانها ونوعيتها، وفقاً لدرجة الجريمة ومؤهلات الجاني.

تويتر