فضل العشر الأول من ذي الحجة - للشيخ د. صلاح الخلاقي

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الأيام العشر من ذي الحجة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:  

فإن لعشر ذي الحجة فضائل كثيرة، وخصائص عديدة، فهي أفضل أيام السنة، وأعظمها حرمة، فليس يوم أعظم عند الله من يوم الجمعة ليس العشر؛ فأفضل الأعمال وأحبُّها إلى الله وأزكاها عنده سبحانه، وأكثرها أجراً ومضاعفة هي أعمال هذه العشر: كما روي بإسناد ضعيف أنها تضاعف إلى سبعمائة ضعف، فالعمل فيها أفضل من أنواعٍ من الجهاد في سبيل الله، إلا جهاداً واحداً وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء) وفي لفظ: (إلا أن يخرج رجل بنفسه، وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) وفي لفظ: (إلا عفيرا يعفر وجهه في التراب) وفي لفظ: إلا من عثر جواده وأهريق دمه) (من عقر جواده وأهريق دمه) وذلك أفضل أنواع الجهاد.

وقد أشار الرب جل جلاله إلى فضل هذه الأيام العشر في مواضع من كتابه الكريم:

الموضع الأول: قوله تعالى : ((وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)) [الحج: 27 -28]. وقد روى البخاري تعليقاً عن ابن عباس رضي الله عنهما: (الأيام المعلومات: أيام العشر). وهو قول أكثر المفسرين، وانظر: تفسير البغوي لهذه الآية. وقال الطبراني في فضل عشر ذي الحجة ص38: "باب تأويل قول الله عز وجل: ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ معدودات)) (معلومات) ثم روى عن الحسن وسعيد بن جبير وعطاء وقتادة: (الأيام المعلومات أيام العشر). وعن الحسن وقتادة: (الأيام المعلومات عشر ذي الحجة والمعدودات أيام التشريق).

الموضع الثاني: قول الرب جل جلاله: ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)) [البقرة: 197] فعشر ذي الحجة خاتمة الأشهر المعلومات؛ إذ أنها كما قال ابن رجب رحمه الله: "أشهر الحج التي قال الله فيها وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وروي عن عمر وابنه عبد الله وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وغيرهم، وهو قول أكثر التابعين، ومذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وأبي يوسف وأبي ثور وغيرهم، لكن الشافعي وطائفة أخرجوا منه يوم النحر وأدخله فيه الأكثرون؛ لأنه يوم الحج الأكبر، وفيه يقع أكثر أفعال مناسك الحج، وقالت طائفة: ذو الحجة كله من أشهر الحج، وهو قول مالك والشافعي في القديم، ورواه عن ابن عمر أيضا، وروي عن طائفة من السلف، وفيه حديث مرفوع خرجه الطبراني، لكنه لا يصح" لطائف المعارف ص 377، وقد ذكر أقوال أهل العلم مسندة إلى قائليها الإمام ابن جرير في تفسيره لهذه الآية.

الموضع الثالث: قول الرب سبحانه: ((وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بعشر)) [الأعراف: 142]. قال الحافظ الطبراني رحمه الله في فضل عشر ذي الحجة ص40:"باب تأويل قول الله تعالى: ((وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بعشر)) حدثنا إبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني ثنا عبد الرزاق ثنا الثوري عن مجاهد في قول الله تعالى: ((وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر)) قال: (ذو القعدة ((وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ)) من ذي الحجة).

الموضع الرابع: قول الحق تبارك وتعالى: ((وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)) [الفجر: 1–2]. ولشرف هذه الليالي أقسم الرب جل جلاله بها، وقد جاء في تفسير هذه الليالي العشر ما روي عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والفجر وليال عشر))، قال: (العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر) رواه أحمد (14551) والنسائي في الكبرى (11672)، والحاكم في المستدرك (7517)، وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ا.هـ. وفي تاريخ البخاري عن: عبد الله بن الزبير، قال: (ليالٍ عشر: العشر الثماني، وعرفة، والنحر) رواه البيهقي في سننه (5/304). وقد روى ابن جرير هذا القول عن: ابن عباس وابن الزبير ومسروق وعكرمة والحسن ومجاهد، ورواه الطبراني في (فضل عشر ذي الحجة) عن: عكرمة ومسروق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقتادة.

وهو قول جمهور المفسرين وغيرهم كما قال ابن رجب رحمه الله، بل نقل إمام المفسرين ابن جرير الطبري إجماع الحُجة من أهل التأويل على هذا القول، انظر: تفسير الطبري لهذه الآية.

وقد ورد فضل هذه العشر في السنة النبوية في غير ما حديث، فقد روي فضل هذه العشر من طريق جمع من الصحابة: فورد من طريق العبادلة الأربعة: حديث عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وجابر، وأبي هريرة، رضي الله عنهم أجمعين.

أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه؟» قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء» رواه البخاري (969). ولفظ  أبي داود (2438) والترمذي (757) (ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ -يعني أيامَ العشر-  قالوا: يا رسول الله ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهادُ في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء) وقد رواه الدارمي(1774) بلفظ: (ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى...) وزاد عن سعيد بن جُبيرٍ راوي الحديث عن ابن عباس أنه كان إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه). وقال الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب ا.هـ.

وأما حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) رواه الإمام أحمد في مسنده (5446) وهو حديث صحيح.

وأما حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت الأعمال، فقال: (ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر) قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ قال: فأكبره فقال: (ولا الجهاد، إلا أن يخرج رجل بنفسه، وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) رواه الإمام أحمد (6559) وأبو داود الطيالسي في مسنده (2283)، وابن أبي عاصم في الجهاد (157) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2972).

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام الدنيا أيام أحب إلى الله سبحانه أن يتعبد له فيها من أيام العشر، وإن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة، وليلة فيها بليلة القدر» رواه الترمذي (758) وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل، عن النهاس. وسألت محمدا، عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا. وقد روي عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا شيء من هذا. وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس بن قهم من قبل حفظه ا.هـ ورواه ابن ماجه (1728) والبيهقي في الشعب (3757) والبغوي في شرح السنة (1426) وضعفه الألباني.

وأما حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة) قال: فقال رجل: يا رسول الله هن أفضل أم عدتهن جهادا في سبيل الله؟ قال: (هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة؛ ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم ير يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة) رواه وابن حبان في صحيحه (3853). ورواه أبو عوانة في مستخرجه (3023) وأبو يعلى في مسنده (2090). بلفظ: (..هي أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله، إلا عفيرا يعفر وجهه في التراب، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين جاءوا من كل فج عميق لم يروا رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم أر يوما أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة).

وأما حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من أيام العمل فيهن أفضل من عشر ذي الحجة, قيل: ولا الجهاد في سبيل الله, قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا من عثر جواده وأهريق دمه) رواه الطبراني في الكبير (10455) وأبو نعيم في الحلية (8/259) وقال: "غريب من حديث الأعمش تفرد به الفزاري والحديث صحيح ثابت متفق عليه رواه عدة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".

        والمتأمل في هذه الأحاديث يرى أن هذا الفضل يتعلق بالعمل في أيام العشر من جهة العموم، فكيف إذا أضيف إلى ذلك فضل الأعمال المخصوصة في أيامه المخصوصة، فلاشك أن ذلك خير إلى خير، ومزيد فضل على فضل؛ يوضح ذلك:

أن من أيام العشر (يوم التروية): وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه أعمال الحج. ومن أيامها (يوم عرفة) وهو: يومٌ عظيم له فضائل جليلة؛ تغفر فيه الذنوب، ويكثر فيه العتق من النار، ويوم المُباهاة بالملائكة، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-أنها قالت : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار، من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء؟...) رواه مسلم (3288).

ومن أيام العشر ولياليها: (ليلة جَمع)، وهي ليلة المُزدلفة التي يبيت فيها الحُجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة.

ومن أيام العشر (يوم النحر) وهو يوم العاشر من ذي الحجة، الذي يُعد أعظم أيام الدُنيا كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر، ثم يوم القَرِّ) رواه أبو داود (1765).

وبذلك يتضح أن أعمال فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام، والذي يرجع فيها العبد بعد عملها كيوم ولدته أمه، وجل تلك الأعمال يعملها الحاج في أيام العشر ولياليها، ويكفي في فضل الأعمال التي يقوم بها الحاج في هذه الأيام، حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال كنت جالسا مع النبي  -صلى الله عليه وسلم- في مسجد منى فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف، فسلما ثم قالا: يا رسول الله جئنا نسألك، فقال إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت؟ وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت؟ فقالا أخبرنا يا رسول الله: فقال الثقفي للأنصاري: سل فقال أخبرني يا رسول الله. فقال: جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه مع الإفاضة، فقال والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك.

قال فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام: لا تضع ناقتك خفا ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة ومحا عنك خطيئة[1].

وأما ركعتاك بعد الطواف: كعتق رقبة من بني إسماعيل عليه السلام.

وأما طوافك بالصفا والمروة: كعتق سبعين رقبة.

وأما وقوفك عشية عرفة: فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة يقول عبادي جاؤوني شعثا من كل فج عميق يرجون جنتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرتها، أفيضوا عبادي مغفورا لكم، ولمن شفعتم له[2].

وأما رميك الجمار: فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات.

وأما نحرك: فمدخور لك عند ربك.

وأما حلاقك رأسك: فلك بكل شعرة حلقتها حسنة ويمحى عنك بها خطيئة.

وأما طوافك بالبيت بعد ذلك: فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول اعمل فيما تستقبل فقد غفر لك ما مضى) رواه الطبراني في الكبير والبزار واللفظ له وحسنه الألباني.

        وعسى الله جل جلاله أن ييسر مقالاً آخر تُوضَح فيه الأعمال التي يشرع لغير الحاج فعلها وخصوصاً في هذه الأيام، فالمراد بيان عِظم الفضل الحاصل في هذه الأيام لا حصر الأعمال.

        وعموماً فهذه الفضائل تدل على عظم مسديها سبحانه، وتذكر بالفضل الذي يحصل للعبد في أعظم الشهور وأفضلها وهو شهر رمضان، وقد وردت السنة بقرن الفضل والثواب الحاصل في هذين الموسمين؛ وذلك في الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة) رواه مسلم في صحيحه (1089)، وبوب به البخاري رحمه الله وذلك في  كتابه الصحيح ضمن كتاب الصيام، ورواه الترمذي (692) وقال: حديث حسن، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال: (معنى هذا الحديث: لا ينقصان معا في سنة واحدة، شهر رمضان، وذو الحجة، إن نقص أحدهما تم الآخر) ا.هـ. ويدل على هذا القول رواية زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب مرفوعاً: (شهرا عيد لا يكونان ثمانية وخمسين يوماً)، قال الطحاوي الأخذ بظاهره أو حمله على نقص أحدهما يدفعه العيان؛ لأنا قد وجدناهما ينقصان معا في أعوام.

وروى الحديث ابن حبان في صحيحه، وقال: "لهذا الخبر معنيان:

أحدهما: أن شهرا عيد لا ينقصان في الحقيقة، وإن نقصا عندنا في رأي العين عند الحائل بيننا وبين رؤية الهلال لغبرة أو ضباب.

والمعنى الثاني: أن شهرا عيد لا ينقصان في الفضل وثواب، يريد أن عشر ذي الحجة في الفضل كشهر رمضان" صحيح ابن حبان (8/232).

وهناك أقوال أخرى ذكرها القرطبي والحافظ ابن حجر، انظر: الفتح (4/126) ومنها غير ما سبق:

أن معناه: لا ينقصان في عام بعينه، وهو العام الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم تلك المقالة، وهذا حكاه بن بزيزة ومن قبله أبو الوليد بن رشد، ونقله المحب الطبري عن أبي بكر بن فورك.

ومنها: أن المعنى لا ينقصان في الأحكام، وبهذا جزم البيهقي وقبله الطحاوي، فقال: معنى لا ينقصان أن الأحكام فيهما وإن كانا تسعة وعشرين متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين.

إلى غير ذلك من الأقوال: قال الزين بن المنير: "لا يخلو شيء من هذه الأقوال عن الاعتراض وأقربها أن المراد أن النقص الحسي باعتبار العدد ينجبر بأن كلا منهما شهر عيد عظيم، فلا ينبغي وصفهما بالنقصان، بخلاف غيرهما من الشهور، وحاصله يرجع إلى تأييد قول إسحاق" وأنه: (وإن كان تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان) وعليه فيجوز أن ينقصا معا في سنة واحدة.وقال البيهقي في المعرفة: "إنما خصهما بالذكر لتعلق حكم الصوم والحج بهما".

وبهذا يتم المقصود من بيان فضل العمل في هذه الأيام المباركات: من عشر ذي الحجة، والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

كتبه: أبو محمد صلاح محمد محمد موسى الخلاقي

27/11/1433هــــ

13/10/2012م

 

 

 


[1]  وهذا الفضل ورد من حديث ابن عمر رواه البيهقي وابن حبان في صحيحه وحسنه الألباني.

[2]  وهذا الفضل ورد في حديث عائشة رضي الله عنها  وغيرها وأصله عند مسلم.