مشاريع ريادية سورية تحت أزيز الرصاص

الاقتصادي – خاص:

عنان تللو     

نشر أحمد سفيان بيرم وهو ريادي أعمال اجتماعي من سورية، بحثاً بعنوان "ريادة الأعمال في مناطق النزاع"، والذي يُعدّ أول تقرير يسلط الضوء على الوضع الحالي لريادة الأعمال في سورية بعد حوالي 6 أعوام من الحرب.

ويبيّن التقرير كيف ألهمت الأزمة السورية موجةً جديدة من الشباب المبدع لخوض حقولٍ ابتكارية، ما ترافق مع إنتاج أفكارٍ جديدة واعتناق نماذج عمل جديدة. وبحسب التقرير الذي بني على بيانات جمعتها دراسة تفحّصت آراء وتجارب رواد أعمال سوريين على امتداد 12 شهراً من البحث، تم خلالها إجراء 268 مقابلة، فإنّ هذا التفاؤل والإصرار على الابتكار تزايد بين 2014 و2015، حيث أن 17.6% من الشباب المبتكرين الذين شملتهم الدراسة، حاولوا العمل على أفكار ريادية عام 2014، بينما قفزت النسبة إلى 31.2% عام 2015.

ويعرض التقرير دراسة لـ6 حالات لرواد أعمال تحدّو الظروف وأنشأوا مشاريعهم الصغيرة في ظل الحرب وتحت أزيز الرصاص:

نوبل الكيميائي

"نوبل الكيميائي" لمؤسسه لؤي عتبة، يهدف لتأمين مياه الشرب لجميع من يحتاجونها حول العالم، وذلك من خلال معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام مواد قابلة للتفكك العضوي، وبتكنولوجيا صديقة للبيئة، حيث يتم إنتاج كبسولات تعقيم خالية من الكلورين، وتكفي الكبسولة الواحدة لتعقيم 20 ألف لتر من الماء بتكلفة دولارٍ واحدٍ فقط.

في عام 2011، دُمِّر بالكامل "مصنع العتبة"، المؤلّف من غرفة واحدة، فضلاً عن الدمار الذي لحق بمدينة حلب بأكملها، ما اضطر عتبة وفريقه لمغادرة البلاد بعد عام 2013 كي ينقذوا مشروعهم. واستغرقت رحلتهم الأولى إلى بيروت 26 ساعة بهدف المشاركة في مسابقة لريادة الأعمال، بينما لم تكن الرحلة ذاتها لتستغرق 5 ساعات قبل الحرب.

وحالياً، يحاول فريق "نوبل الكيميائي" التنسيق مع أطرافٍ أخرى لتنفيذ المشروع واستكمال تسجيل براءة اختراع في الولايات المتحدة.

بت كود

"بت كود" هي منصة للتعليم عبر الإنترنت، تسعى لمشاركة المعرفة حول الويب وتطبيقات الهواتف الذكية باللغة العربية.

ويفيد الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في "بت كود"، طارق شيخ الشباب، بأن المنصة تهدف للسماح للمستخدمين المستعدين للتعاقد الحر بأن يعرفوا أكثر عن تطوير البرمجيات.

وشهدت الأشهر الثلاثة الأولى لإطلاق المنصة انضمام 1,500 مستخدم، بمعدّل إتمام للدورة بلغ 4%. إلا أن المطوّرين واجهوا عزوف المستخدمين عن الدفع لقاء الخدمة.

أما مشروع التوسع إلى خارج سورية، فواجه تحديات متعلقة بطرق الدفع الإلكتروني. كما أن قيود التأشيرات وضعت حداً لطموح استكشاف أسواق أجنبية، وفوّتت عليهم فرصة التقدم بطلب تمويل من "Oasis500" في الأردن.

جلين

"جلين" هي غسالة صديقة للبيئة تعمل على الطاقة الشمسية، ويمكنها تكرير 30% من المياه المستخدمة في الشطف.

وقرر المؤسس والرئيس التنفيذي يمان أبو جيب عام 2015، أخذ مشروعه إلى الموسم السابع من برنامج "نجوم العلوم" الذي تعرضه قناة "MBC"، وتمكّن من الوصول إلى النهائيات ومن ثم الفوز بالمركز الأول.

وواجه المشروع صعوباتٍ في توفير قطع صيانة، فكان عليه إما أن يصلح المشكلة بحل متوفر في السوق المحلية لكن قد لا يكون فعالاً، أو أن ينتظر عدة أسابيع ريثما يتم طلب الأدوات اللازمة عبر الإنترنت وشحنها من الخارج. وقرر الفريق اعتماد الحل الأول لأنه كان يتوجب عليهم إتمام المشروع قبل الموعد النهائي للمسابقة.

بمعيتك

"بمعيتك" هي منصة متعددة الجوانب لتبادل السلع أو المصنوعات اليدوية التقليدية مع الأسواق الأجنبية.

ويعتبر الدفع الإلكتروني حاجةً قصوى في هذا المشروع، ما يعني أن غياب حلول الدفع الإلكتروني في سورية ليس فقط العقبة الأكبر، بل هو تهديد وجودي ببساطة.

ويحتاج رفيق تقي الدين، الشريك المؤسس ومدير عمليات المشروع، هو وفريقه لمساعدة من منصات

أجنبية شبيهة تتطلب طرق الدفع الإلكتروني لقياس معدّل عودة الزبائن، لذا سعوا أيضاً للحصول على مساعدة بعض الشركات التي تقدم طرق دفع عبر الإنترنت مثل "باي بال" (PayPal)، لكن سرعان ما تبيّن لهم أن نشاطات هذه الشركة ممنوعة في سورية وقد يكون لها تبعات قانونية.

صفقات

"صفقات" هي منصة تجارية تصل البائعين بالمشترين من خلال تطبيق يمكّن الطرفين من البحث بسهولة وإيجاد سلعهم المرغوبة ومناقشة الصفقات المحتملة.

وتركّز الفكرة على ثلاث فئات من المستخدمين: الزبائن المباشرون، والأعمال الوسطى، وأصحاب الشركات الكبيرة.

أفاد يمان الطرح، العضو المؤسس في "صفقات"، بأنه ما من رغبة بين الزبائن لصرف الكثير من المال على أشياء غير أساسية، فبالكاد يستطيع الناس خلال الحرب تأمين حاجاتهم الملحة. يضاف إلى ذلك تدني معدلات الدخل وانخفاض قيمة الليرة السورية.

ويعتقد يمان أن فكرة التطبيق كانت جديدة نسبياً وغامضة بالنسبة للكثيرين، ما عنى ضرورة تقديم بعض الخدمات مجاناً لجذب المزيد من المستخدمين والتسليم بأنه لا بد من مرور فترة ما قبل استرداد جزء من قيمة عملهم.

تمكين

"تمكين" هي منصة تدريب إلكترونية تستهدف الشباب السوريين عبر مجموعة من الدورات التعليمية التي تم نقلها عن جامعات عالمية، وهي تجري في فضاءات افتراضية. يجتاز المشاركون تدريباً مجانياً، ويدفعون فقط رسوماً محدودة كي يحصلوا على شهادات مرخّصة من بريطانيا.

وأفاد سامي السيوري، العضو المؤسس في "تمكين"، بأن المسائل القانونية أعاقت نمو وتطوّر المشاريع، كما أن غياب وسائل الدفع الإلكتروني، وعدم تطوّر ثقافة الواقع الافتراضي في البلاد أدّيا لتثبيط عزيمة المؤسسين ومنعهم من التخطيط لتوسّعٍ أكبر.

وما تزال بعض حلول الدفع موجودة، لكن ليس في كافة المناطق. وقد يكون نقل الأموال إلى داخل البلاد من بلاد أجنبية معيّنة أمراً سيّء السمعة في بعض الأسواق المحلية، ما يسبب المزيد والمزيد من التضاؤل للسوق السورية.