مجزرة خان شيخون .. ثاني أكبر مجزرة في سوريا بغاز السارين

تعدّ مجزرة خان شيخون ثاني أكبر مجزرة بالأسلحة الكيميائية ارتكبتها قوات النظام السوري في سوريا، فقد قصفت المدينة يوم 4 أبريل/نيسان 2017 بغاز السارين، مما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 91 مدنيا وسقوط 520 مصابا وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أسماءهم.

وقد صدرت عدة بيانات وتقارير دولية تؤكد مسؤولية نظام الرئيس السوري بشار الأسد عن القصف الكيميائي بالأسلحة المحرمة دوليا.

خان شيخون

مدينة سورية تتبع منطقة معرة النعمان، في ريف إدلب الجنوبي، تبعد مسافة 70 كيلومترا عن مدينة إدلب، و35 كيلومترا عن حماة، و100 كيلومترا عن مدينة حلب، وتتبع إداريا لمحافظة إدلب.

يعود اسمها نسبة إلى خان أنشأه سيف الدين شيخو أو شيخون العمري في المدينة أيام الدولة العثمانية، بهدف الاستراحة من السفر، ومع الوقت حملت المنطقة اسم الخان وصاحبه فأصبحت (خان شيخون).

ويعتمد سكان المدينة على التجارة والزراعة.

ما قبل الهجوم

بدأ النظام السوري والروسي في نهاية شهر فبراير/شباط 2017 حملة عسكرية على ريف مدينة حماة الشمالي وريف مدينة إدلب الجنوبي، للرد على تقدم الفصائل المسلحة في تلك المناطق، واستخدمت قواتهما الطائرات والمدافع للقصف اليومي، مع استهداف مباشر لمناطق سكنية ومدنيين، تمهيدا لاقتحام المدينة والسيطرة عليها، وتُرجّح الشبكة السورية لحقوق الإنسان – في تقريرها عن المجزرة- أن الهجوم الكيميائي على المدينة يصبّ في هذا السياق.

ماذا بعد مجزرة الكيميائي بخان شيخون السورية؟
مجزرة الغاز الكيميائي في خان شيخون تسببت بقتل 91 مدنيا منهم 32 طفلا و23 سيدة (الجزيرة)

بداية الهجوم

في صباح يوم الثلاثاء الموافق 4 أبريل/نيسان 2017 وفي حدود الساعة 6:49 صباحا – وفق ما ذكر تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان- قصف النظام السوري بطائرات من طراز "سوخوي 22″، المعروفة بقدرتها على التحليق على ارتفاعات منخفضة، مدينة خان شيخون بـ4 صواريخ، حُمّل أحدها بغاز سام وسقط على الحي الشمالي من المدينة في الطريق العام أمام منشأة صوامع الحبوب على بعد 100 متر من مخبز المدينة الآلي. أما بقية الصواريخ فقد سقطت على مواقع مختلفة من المدينة.

ووفق شهادة وردت في التقرير ذاته لشخص يعمل في أحد المراصد التابعة للمعارضة المسلحة، فقد أكد رصد تجهيز طائرتين من الطراز المذكور في مطار الشعيرات بريف حمص، قبل موعد الهجوم بحوالي نصف ساعة. كما أشار إلى أن الوقت الذي اختير لتنفيذ الهجوم يعد مثاليا لهدوء الجو وسكونه مما يسهل عملية القصف ويحقق الهدف.

الإصابات

استنشق معظم المصابين الغاز أثناء نومهم، كما أصيب عشرات المسعفين ورجال الدفاع المدني خلال نقل المصابين.

وظهرت على الضحايا أعراض اختناق وضيق تنفس، وتشنج في العضلات، وتحول حدقات العيون إلى حدقات دبوسية، ورجفان، وقيء سائل أبيض وزرقة الشفاه، إضافة إلى خروج الزبد من أفواههم.

وتوافدت أعداد كبيرة من المصابين على مستشفى الرحمة، إلا أن أعداد الكادر الطبي المكون من 10 أفراد لم تكن كافية لإسعاف المصابين، وظّن الأطباء والممرضون أن الإصابات بغاز الكلور فجمعوا المصابين في باحة المستشفى ورشّتهم سيارات الإطفاء بالماء.

 

reduce the effectIDLIB, SYRIA - APRIL 4: Civil defense members try to reduce the effects of chlorine gas with water as they carry out search and rescue works after a suspected chlorine gas attack by Assad Regime forces to Khan Shaykhun town of Idlib, Syria on April 4, 2017.
عدد من رجال الدفاع المدني والمسعفين والأطباء أصبوا نتيجة استنشاقهم الغازات من ملابس المصابين (وكالة الأناضول)

إلا أن الأعراض بدت مختلفة عن الإصابة بغاز الكلور وفق شهادات الأطباء، مما تسبب بفقدان عشرات المصابين لحياتهم لعدم تمكن الكادر الطبي من عمل شيء لهم.

وتعرض عدد من السكان والمسعفين للإصابة نتيجة احتكاكهم بالمصابين وبما استنشقوه من غازات من ملابسهم. ونقل 32 مصابا عبر الحدود السورية إلى جنوب تركيا لتلقي العلاج وتوفي ثلاثة منهم هناك.

قصف بعد المجزرة

بعد نحو 5 ساعات على الهجوم الكيميائي تعرضت المدينة لقصف بالطائرات، استهدف مستشفى الرحمة الذي كان يرقد فيه أكثر من 300 مصاب.

كما استهدف القصف مركز الدفاع المدني وتسبب في أضرار كبيرة بالمبنى، وقُصفت الطرق المؤدية للمدينة لإعاقة عمليات الإسعاف ونقل المصابين إلى خارج المدينة.

النتائج

بحسب التقرير الصادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان فقد تسببت مجزرة الغاز الكيميائي في خان شيخون بقتل 91 مدنيا منهم 32 طفلا و23 سيدة، قضوا خنقا بالغازات السامة، إضافة إلى إصابة نحو 520 شخصا بينهم 12 عنصرا من الدفاع المدني و6 ناشطين.

نوع الغاز

صرحت وزارة الصحة التركية يوم الخميس 6 أبريل/نيسان 2017 أن الغاز الكيميائي المستخدم في قصف مدينة خان شيخون يوم 4 أبريل/نيسان 2017 هو غاز السارين، وذلك بعد تشريح جثث المصابين الذين قضوا في تركيا.

وغاز السارين هو غاز أعصاب محظور بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، بدأ استعماله عام 1938 في ألمانيا لقتل الحشرات، وهو مشابه لمجموعة من مضادات الحشرات المعروفة بالعضوية الفوسفاتية، ويؤثر على المحول العصبي الذي يشكل وصلة الربط بين الغدد والعضلات.

واكتسب هذا الغاز اسمه من اسم العالم الألماني الذي طوره، وهو من نفس مجموعة غازات تابون وسومان وسيكلوسارين.

الرأي العالمي

نفت قوات النظام السوري أي مسؤولية لها عن الهجوم، فيما صرح وزير الدفاع الروسي أن سلاح الجو السوري استهدف مخزنا لتصنيع المواد السامة تابع لجبهة فتح الشام في الساعة 11:30ص من يوم الهجوم ذاته.

وشكلت الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لجنة تحقيق مشتركة للتحقيق في حقيقة الهجوم الذي حدث في خان شيخون في أبريل/نيسان 2017.

وأصدرت اللجنة المشتركة تقريرا يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2017 يؤكد مسؤولية النظام السوري عن الهجوم الكيميائي على المدينة.

كما بينت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي في بيان أصدرته أن هذه المرة الرابعة التي يثبت خبراء دوليون استخدام النظام السوري لأسلحة محرمة دوليا ضد المدنيين، مطالبة بمحاسبة النظام.

كما صدر بيان عن منظمة هيمون رايتس ووتش طالبت فيه بمحاسبة النظام والمسؤولين عن الهجوم. في حين أكدت منظمة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" عام 2024 أن الهجوم مرّ عليه 7 سنوات ولم يتم محاسبة الأسد أو اتخاذ أي إجراء معه، وأوضحت في بيانها الصادر في الذكرى السابعة أنه "لا مبرر لتساهل المجتمع الدولي مع استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا".

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية