فارون من العنف في بورما
فارون من العنف في بورما

مصر – الجندي داع الإنصاف:

أكد الأزهر الشريف في بيان صدر مؤخرا أنه سيقود تحركات إنسانية على المستويات كافة العربية والإسلامية والدولية "لوقف المجازر التي يتعرض لها مسلمو الروهينجا" والتي وصفها "بالهجمات الوحشية والبربرية وأنها تمثل إبادة جماعية"، مشددا على أن مثل هذه الجرائم تشجع على ارتكاب جرائم الإرهاب التي تعاني منها الإنسانية جمعاء.

اقرأ أيضاً:

مسلمو بورما.. من يساند من؟

لماذا تحولت بورما إلى عنوان لاضطهاد المسلمين

يحاور موقع (إرفع صوتك) الدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية حول أهمية بيان الأزهر ومدى إسهامه في دعم مسلمي الروهينجا وأيضا بشأن زيارة شيخ الأزهر لألمانيا والتي تباحث خلالها مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حول أزمة ميانمار كما شارك في مؤتمر "طرق السلام".  

* كيف ترى ما تضمنه بيان الأزهر وهل تتوقع استجابة دولية للمطالب التي وردت بالبيان؟

 بالتأكيد بيان الأزهر بيان مهم جدا يستحث همة المنظمات الدولية سواء بالنسبة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو المنظمات الحقوقية والشعوب العربية والإسلامية بأهمية مساندة مسلمي الروهينجا في ميانمار، فالبيان يلفت أنظار العالم إلى هذه التصفيات العرقية التي تمارسها السلطات البورمية ضد المسلمين.

وبيان الأزهر نص على أن المنظمات العالمية كانت ستتخذ موقفًا آخر لو كانت هذه الفئة من أتباع أي دين أو مِلَّة غير الإسلام، فلو تعرض أحد اليهود أو المسيحيين أو البوذيين لما يتعرض له مسلمي الروهينجا لما سكت العالم فلماذا الكيل بمكيالين ولماذا يترك هؤلاء العزل للتصفيات والأعمال الوحشية التي تمارس عليهم؟ وبالتالي إذا أردنا ترسيخ مفاهيم السلام في العالم ومعالجة أسباب الإرهاب لا بد من وضع حلول عاجلة لمشكلة مسلمي الروهينجا لأنها توغر في صدور كثير من المسلمين بهذا الظلم البين الذي يقع على هؤلاء الضعفاء.

* كيف ترى ارتباط ما يحدث لمسلمي الروهينجا بتنامي ظاهرة الإرهاب؟

نحن لسنا بحاجة إلى أن نتحدث عن براءة الإسلام من هذه الأعمال التي يقوم بها المتطرفون. فلم يعد لهذا الكلام مجال فالأمور واضحة والأديان بريئة من الإرهاب. لكن أتباع الأديان هم الذين يشوهون الصورة ولا شك أن الصورة الذهنية السيئة التي ترسخت في بعض العقول أدت إلى انعكاسات سلبية على المسلمين وأنتجت نوعا من الخوف من المسلمين والإسلام مثل الإسلاموفوبيا في الغرب.

ولكي نكون موضوعيين فإن مسالة مسلمي الروهينجا ليست وليدة اليوم فهي ممتدة عبر عقود زمنية لكنها اشتدت وارتفعت وتيرة الاغتيالات والتصفيات في هذه المرحلة. وبالتالي هناك علاقة بين الإرهاب وبين ما يحدث هناك، فما يمارس على مسلمي الروهينجا من أعمال بربرية وحشية غير إنسانية وتطهير عرقي هو أشد أنواع الإرهاب. وربما تؤدي إلى حالة من ردود الأفعال العكسية لأنه حينما يرى العالم بأسره أناس يُذبحون ويهجرون وتذرع الألغام على الحدود لعدم عودتهم فماذا ينتظر بعد ذلك؟

* مثل هذه الأحداث المؤلمة والمؤسفة تستغلها المنظمات المتطرفة للترويج لأفكارها.. كيف ترى ذلك؟

طبعا بالتأكيد يقومون باستغلال مثل هذه الأحداث لتأجيج مشاعر الشباب. وهذا يضيف مكاسب لجماعات الإرهاب والعنف التي ستستغل المشاهد الوحشية لإغراء الشباب ويسهل مهمة تجنيدهم من خلال توظيف الفيديوهات التي تروج عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وهي مشاهد بشعة تجعل الشباب لا يفكر فيما يحدث بعد ذلك من عواقب لأنه سيعتقد أنه يقوم بالدفاع عن المستضعفين ونصرتهم بدافع دخول الجنة وبدافع الشهادة ومن ثم سينخرط في هذه الأعمال التي تقدم خدمات غير مباشرة لجماعات الإرهاب والعنف.

* عقد الأزهر مؤتمرا أوائل العام الحالي لممثلي الأطياف المختلفة في ميانمار.. من وجهة نظرك لماذا لم تستفيد هذه الأطياف من توصيات المؤتمر لحل المشكلة؟

الأزهر يهدف إلى ترسيخ مبادئ السلام. وكان يفترض أن تتم الاستفادة من مكتسبات هذا اللقاء الذي دعا فيه الأزهر ومجلس حكماء المسلمين جميع الأطياف من بوذيين وهندوس ومسيحيين ومسلمين للتحاور وبناء جسور الثقة على أساس من احترام خصوصيات الدول والتعايش السلمي،  لكن واضح أن هؤلاء لديهم أجندة ولديهم مخطط لتصفية هؤلاء المسلمين من هذه المنطقة.

* بالنسبة لزيارة شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى ألمانيا والتي تصب في نفس الاتجاه وهو البحث عن السلام العالمي .. كيف تسهم هذه الزيارات في تصحيح صورة الإسلام ودعم الدول الإسلامية التي تتعرض لحروب وأيضا مسلمي الروهينجا؟

أولا زيارة فضيلة شيخ الأزخر ترسخ وتجسد الصورة الحقيقية للإسلام الوسطي الذي يحترم الأخر ويتعايش معه فما جاءت الأديان إلا لسلامة البشرية وبالتالي أي محاولات فرز أو تصنيف للعالم أو للناس على أساس القوميات أو المستوى الاقتصادي أو على أساس من الانتماء الديني أو المذهبي مرفوضة تماما. ومن ثم فنحن بحاجة إلى التعايش السلمي بين أتباع الأديان وهذا سوف يسهم في حل المشاكل مثل مشكلة الروهينجا وسيؤدي أيضا إلى مواجهة حقيقية لمسألة استخدام الخلافات المذهبية في الصراعات السياسية مثل ما يحدث في المنطقة العربية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تقرير الأمم المتحدة رصد حالات عنف جنسي متصل بالنزاع في السودان
تقرير الأمم المتحدة رصد حالات عنف جنسي متصل بالنزاع في السودان

قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للعنف الجنسي أثناء الصراعات براميلا باتن إن انتهاكات العنف الجنسي المرتبط بالنزاع ارتفعت بنسبة 50 في المئة عام 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه، منبهة إلى أن تلك الزيادة المقلقة تأتي في خضم سياق عالمي يظل فيه الوصول الإنساني مقيدا بشدة.

جاء هذا في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي الثلاثاء لاستعراض التقرير السنوي الخامس عشر للأمين العام حول العنف الجنسي المتصل بالنزاع والذي يغطي الفترة ما بين يناير وديسمبر 2023. 

وأظهر التقرير أن اندلاع النزاع وتصاعد حدته عام 2023 أدى إلى تعرض المدنيين لمستويات عالية من العنف الجنسي المتصل بالنزاع، الذي يؤججه انتشار الأسلحة وزيادة العسكرة، وأن حاملي السلاح من الجماعات المسلحة التابعة للدولة وغير التابعة للدولة على حد سواء استهدفوا المدنيين بالاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاختطاف وسط مستويات قياسية من التشريد الداخلي وعبر الحدود.

وقالت باتن إن التقرير رصد 3688  حالة عنف جنسي متصل بالنزاع تحققت منها الأمم المتحدة، وأن النساء والفتيات شكلن 95 في المائة من تلك الحالات، مقارنة بخمسة في المئة بالنسبة للرجال والفتيان.

وأوضح التقرير أن 32 بالمئة من تلك الحالات الموثقة كانوا من الأطفال، أغلبهم من الفتيات بواقع 98 في المئة.

إسرائيل والأراضي الفلسطينية

وأفادت الممثلة الخاصة للأمين العام للعنف الجنسي أثناء الصراعات بأن التقرير يتضمن لأول مرة هذا العام قسما مخصصا لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتطرقت إلى زيارتها لإسرائيل في أعقاب الهجمات التي شنتها حماس وجماعات أخرى في إسرائيل في 7 أكتوبر، مشيرة إلى أنها أكدت وفريقها أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع قد حدث في ثلاثة مواقع على الأقل، وأن العنف الجنسي وقع ضد الأفراد المحتجزين كرهائن وقد يكون مستمرا.

وأشارت كذلك إلى ما ورد في التقرير فيما يتعلق بالضفة الغربية المحتلة، حيث أكدت المعلومات التي تحققت منها الأمم المتحدة التقارير التي تفيد بأن عمليات اعتقال واحتجاز النساء والرجال الفلسطينيين من قبل قوات الأمن الإسرائيلية في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر، كانت مصحوبة في كثير من الأحيان بالضرب وسوء المعاملة والإذلال بما في ذلك أشكال العنف الجنسي. 

وأضافت أنه وفقا لكيانات الأمم المتحدة، ظهرت ادعاءات مماثلة في غزة بعد وقت قصير من بدء العمليات البرية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية.

وقالت باتن "هذه النتائج لا تبرر بأي حال من الأحوال أو تضفي الشرعية على المزيد من الأعمال العدائية، وما زلت أردد نداءات الأمين العام من أجل وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وإنهاء المعاناة التي لا توصف للمدنيين الفلسطينيين، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن".

ليبيا واليمن

وأوضحت المسؤولة الأممية أن التقرير أظهر أن العنف الجنسي يظل جزءا من أساليب القمع السياسي يستخدم لإرهاب ومعاقبة الخصوم، وكتكتيك لإسكات النساء اللاتي يشاركن بنشاط في الحياة العامة والسياسية وخصوصا في دول مثل ليبيا واليمن.

وذكر التقرير أن وقوع اشتباكات متفرقة عام 2023 بين الجماعات المسلحة وانتشار الأسلحة بشكل غير مشروع، واستمرار الانقسامات بين الجهات الفاعلة السياسية الليبية، وأوجه القصور في الحوكمة، أدى إلى إيجاد بيئة ارتكب فيها العنف الجنسي المتصل بالنزاع في ظل إفلات الجناة من العقاب. 

وفي اليمن، ساهمت الأزمة الإنسانية المستمرة وانهيار سيادة القانون في نشوء بيئة تتعرض فيها النساء والفتيات للعنف الجنسي المتصل بالنزاع، بحسب ما جاء في التقرير.

وأضاف أنه بسبب الوصم بالعار والأعراف الذكورية المتعلقة بالشرف والخوف من الانتقام، لا يزال الإبلاغ عن جريمة العنف الجنسي ناقصا بشكل كبير.

السودان 

وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للعنف الجنسي أثناء الصراعات إن التقرير أظهر مستوى غير مسبوق من استخدام العنف المميت لإسكات الناجين من الاعتداءات الجنسية.

وأشارت إلى أن مقدمي الخدمات على خطوط المواجهة والمدافعات عن حقوق الإنسان لم يسلموا من تلك الهجمات، حيث هددت الأطراف المسلحة العاملين في مجال الصحة في السودان وشنوا أعمالا انتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في جنوب السودان. 

ووثق التقرير عام 2023 حالات عنف جنسي متصل بالنزاع في السودان ضد 98 امرأة و18 فتاة ورجل واحد وفتى واحد، وقعت في ولايات الخرطوم وجنوب دارفور وشمال دارفور.

كما ورد في التقرير أن الأمم المتحدة تلقت معلومات موثوقة عن اختطاف أكثر من 160 امرأة وفتاة، بما في ذلك تقارير عن اغتصاب نساء وفتيات واحتجازهن في ظروف أشبه بالعبودية.

وأشارت إلى زيارتها للحدود بين السودان وجنوب السودان حيث كانت النساء والفتيات هدفا للاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاختطاف.

ودعت أطراف الصراع في السودان إلى اتخاذ إجراءات محددة لمنع العنف الجنسي ومعالجته.

العراق وسوريا

وتطرق التقرير كذلك إلى حالات العنف الجنسي في العراق حيث قال إن الأمم المتحدة تحققت من العنف الجنسي الذي ارتكبه تنظيم داعش ضد 11 فتاة، اختطفت ثلاث منهن عام 2014 وأنقذن في عام 2023.

ورصد التقرير كذلك أن تصاعد الأعمال العدائية في سوريا، إلى جانب المصاعب الاقتصادية، أدى إلى تعريض النساء والفتيات إلى مستويات عالية من مخاطر العنف الجنسي، لاسيما في أماكن النزوح والاحتجاز.

أثر مخيف

وقالت باتن إن توافر الأسلحة يسهل بشكل مباشر تلك الهجمات، وأن ما بين 70 و90 في المئة من الحالات المرتبطة بالعنف الجنسي المتصل بالنزاع ينطوي على استخدام الأسلحة، وخاصة الأسلحة النارية.

وأفادت المسؤولة الأممية بأن التقرير أدرج 58 طرفا يشتبه في ارتكابهم أو في مسؤوليتهم عن أنماط من العنف الجنسي، أغلبها أطراف غير تابعة للدولة.

وفيما يتعلق بالوصول إلى العدالة أشارت إلى أن "العديد من مرتكبي العنف الجنسي في وقت الحروب يفلتون بفعلتهم، بينما تعيش النساء والفتيات في خوف".

ولفتت كذلك إلى أن التدفق غير المشروع للأسلحة له "أثر مخيف" على قدرة النساء على الحشد من أجل السلام.

وأكدت باتن أنه "لا يمكن معالجة العنف الجنسي دون تحويل ديناميات السلطة. بدءا من اليوم، نحتاج إلى نساء في هذه الغرفة، وأسلحة خاضعة لتنظيم وحظر، وأموال على الطاولة للمدافعين عن حقوق الإنسان، وتغيير على الأرض".

وأضافت "تحتاج النساء في أركان العالم التي تمزقها الحرب لرؤية الأمل في الأفق السياسي".

قصص مروعة

وتحدثت أمام مجلس الأمن نعمات أحمدي، رئيسة ومؤسسة منظمة مجموعة عمل نساء دارفور التي تطرقت تحديدا عن الوضع في السودان قائلة إن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي أصبح "سمة مميزة" للحرب الحالية في السودان.

وأضافت "أشعر بالرعب من التقارير المروعة عن العنف الجنسي التي أسمعها في كل يوم".

وأطلعت المجتمعين على قصة الفتاة السودانية، نورا التي تعرضت لاغتصاب جماعي وهي في الثانية عشرة من عمرها فقط، مما تركها في حالة صحية حرجة.

وقالت "كان على أسرتها التي تكافح من أجل البقاء أن تتخذ قرارا مستحيلا، إما طلب العلاج لها أو إطعام شقيقها الأصغر. عند سماع ذلك، نظرت نورا إلى الأعلى وهي تبكي، وأخبرت والدتها بأنها لم تعد ترغب في العيش".

وشددت أحمدي على أن تلك الخيارات "ينبغي ألا تتخذها أي أسرة وألا يتحملها أي طفل".

ولفتت إلى أن قصة نورا واحدة من قصص كثيرة جدا، حيث تعرضت نساء وفتيات للاغتصاب مرات عدة، وأحيانا أمام آبائهن وأزواجهن وأبنائهن، في محاولة لتحطيم معنوياتهم وتدمير كرامتهم.

وأنهت أحمدي كلمتها بالقول "إن فشل المجتمع الدولي في التحرك في بلدي السودان، وفي جميع هذه البلدان الأخرى، ينبغي أن يكون وصمة عار على ضميرنا الجمعي".