عبد الله جاب الله رئيس جبهة العدالة و التنمية (يسارا)، رفقة أبو جرة سلطاني رئيس حركة "حمس" السابق، عبد العزيز بلخادم أمين عام سابق لجبهة التحرير الوطني (يمين الصورة) - أرشيف
عبد الله جاب الله رئيس جبهة العدالة و التنمية (يسارا)، رفقة أبو جرة سلطاني رئيس حركة "حمس" السابق، عبد العزيز بلخادم أمين عام سابق لجبهة التحرير الوطني (يمين الصورة) - أرشيف

في أولى انتخابات تعددية عرفتها الجزائر في يونيو 1990، فاز الحزب الإسلامي الأكثر شعبية آنذاك، "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، بأغلبية المجالس الشعبية البلدية عبر التراب الجزائري.

وأعقب نجاح جبهة الإنقاذ فوزا آخر بمناسبة تشريعيات ديسمبر 1991، إذ حصلت الجبهة خلال الدور الأول من الانتخابات على 188 مقعدا من أصل 228، قبل أن يتوقف المسار الانتخابي، وتدخل الجزائر في دوامة عنف لم تخرج منها إلا في مطلع الألفية الحالية.

لكن المشهد الآن يفرض طرح أسئلة جديدة: هل تراجع صيت الأحزاب الإسلامية في الجزائر؟ وهل يفيد تكتل الإسلاميين لإقناع الناخبين بنجاعة مشروع "الإسلام السياسي" بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟

لعبة الموالاة والمعارضة

سياق هذا الطرح هو ​نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت شهر ماي الماضي، وأظهرت تراجعا ملموسا للتمثيل النيابي للأحزاب الإسلامية، رغم أنها تجمعت في كتلة واحدة قصد رفع حظوظها أمام كل من جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.

وحصل تحالف التيار الإسلامي، أو ما عُرف بتكتل "الجزائر الخضراء"، على 33 مقعدا من أصل 462، خلف كل من جبهة التحرير بـ164 مقعدا والتجمع الوطني الديمقراطي (حزب الوزير الأول أحمد أويحيى) بـ97 مقعدا.

فما سبب هذا التراجع؟

لفهم الوضع يجب العودة إلى تاريخ تولي عبد العزيز بوتفليقة الرئاسة الجزائرية إثر انتخابات مثيرة للجدل سنة 1999، حاول بعدها إشراك الأحزاب الإسلامية، ودخلت حركة مجتمع السلم، ذات التوجه الإسلامي، إلى الحكومة. فهل يكون الحكم قد استنزف الرصيد الانتخابي للإسلاميين؟

هذا ما يؤكده المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، الذي يقول إن كلفة دخول هذه الأحزاب والقوى الإسلامية للحكومة كانت ابتعادها عن واقع المجتمع.

وفق تصريح رزاقي لـ"أصوات مغاربية" فإن خروج الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي من الحكومة لم يكن استجابة لمطلب شعبي أو لمبدأ سياسي أو حتى أيديولوجي، وذلك إبان الربيع العربي.

"بعد اندلاع الربيع العربي، أظهر الإسلاميون أطماعهم في السلطة، خصوصا عقب صعود حركة النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب"، يردف رزاقي.

​​ويرى المتحدث ذاته أن "دخول الإسلاميين إلى الحكومة ثم خروجهم طمعا في وضع دولي يتيح لهم الفرصة لتولي الحكم أسقطهم عند عموم الجزائريين"، مضيفا أن هذا "السبب هو ذاته الذي جعلهم يحاولون التكتل مجددا لمواجهة غلق بوتفليقة للعبة الانتخابية خلال التشريعيات الأخيرة".

الربح والخسارة

الإعلامي والمحلل السياسي، مراد أوعباس، يذهب إلى أن تراجع الأحزاب الإسلامية يعود إلى "غياب ممارسة ديمقراطية حقيقية بالجزائر تتيح تمتع كل حزب بالفرص ذاتها أمام الناخبين"، قبل أن يستطرد متسائلا: "وهل هناك ساحة سياسية بالجزائر؟".

ويضيف المتحدث ذاته: "لا يمكن قياس نجاح أو تراجع حزب معين ضمن منظومة انتخابية لا تقوم على أسس ديمقراطية صحيحة، وبالتالي من الصعب أن تتحدث عن نجاح هذا أو تراجع ذاك".

وحسب أوعباس، فإن "إشراف الإدارة على الانتخابات لا يعطي انطباعا بشفافية الاستحقاق الانتخابي بالجزائر، ومن ثم لا يمكن منح أي اعتبار للنتائج التي تتمخض عنها".

أما على الصعيد الاجتماعي، فيقول المحلل السياسي إن "هناك تراجعا للإسلاميين في أوساط المواطنين بسبب النسق الفكري الذي تبنته الأحزاب الإسلامية، ورفضت تغييره في صالح تصور اجتماعي يأخذ بعين الاعتبار التغيرات التي حصلت في الجزائر من التسعينات إلى الآن".

ويلفت المحلل السياسي، مراد أوعباس، الانتباه إلى ما اعتبره "تمسكا من الأحزاب الإسلامية بالمطالب الأيديولوجية (الدولة الإسلامية، العالم الإسلامي، الشريعة..) عوض البحث في سبل ترقية خطابها ليتبنى المطالب الاجتماعية التي يرفعها الشباب البطال والعمال ضمن نقابات الشغل".

​​"رغم دخول الإسلاميين الحكومة طوال سنين إلا أنهم لم يستطيعوا التأقلم مع التغير الذي حصل على مستوى المطالب التي يرفعها عموم المواطنين"، يقول أوعباس

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة