-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أكبر مواجهة ضد السلطة منذ 2013

أطباء مصر ينظمون احتجاجاً حاشداً بعد تعدي الشرطة على طبيبين

الشروق أونلاين
  • 1534
  • 0
أطباء مصر ينظمون احتجاجاً حاشداً بعد تعدي الشرطة على طبيبين
ح م
آلاف الأطباء في مصر ينظمون احتجاجاً أمام نقابتهم في القاهرة - 12 فيفري 2016

على غير موعد، وبغير خطة مسبقة، أصبح أطباء مصر أبرز من يقود مواجهة مع السلطات منذ عام 2013 لأسباب “غير سياسية”، ونجحوا في تنظيم أكبر حشد يخرق قانون التظاهر الذي يضع قيوداً قاسية على أداء المعارضين.

وقبل عامين فحسب، لم يكن الحال كذلك، فقد خرج ذات الأطباء على احتكار النقابة من قبل جماعة الإخوان المسلمين لسنوات، ولم يبد كثير منهم غير الحفاوة بالرئيس القادم من الجيش من عينة الفيديو الشهير “بحبه قوي”.. فكيف تحولت المشاعر مجدداً خلال تلك المدة القصيرة؟!.

 

يوم غاضب

شهد، الجمعة، تجمع أكثر من 10 آلاف طبيب أمام مقر نقابة الأطباء في شارع القصر العيني قاطعين الطريق القريب من مؤسسات الدولة العليا كالبرلمان ووزارة الداخلية.

وكان هدف التجمع مواجهة انتهاكات الشرطة المصرية بحق الأطباء وذلك إثر اعتداء مجموعة من أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية (شرق القاهرة).

وكان طبيبان في مستشفى المطرية التعليمي، قد اتهما تسعة أمناء شرطة بقسم المطرية بالاعتداء عليهما في 28 جانفي الماضي، فيما قررت النيابة الإفراج عن الأمناء التسعة بعد 24 ساعة من استدعائهم لـ”استكمال التحقيقات الجنائية، وهو ما أثار غضب الأطباء.

وتطالب النقابة بإحالة أمناء الشرطة إلى محاكمة جنائية بشكل عاجل، إضافة إلى وضع آلية لمنع تكرار ظاهرة الاعتداء على الأطباء، كما طالبت الجمعية العمومية بالإطاحة بوزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، بسبب تصريحه بأن عدداً كبيراً من الأطباء لا يصلحون لمزاولة الطب، كما قررت النقابة إحالة وزير الصحة، للتحقيق معه في لجنة آداب المهنة داخل نقابة الأطباء تمهيداً لسحب لقب طبيب منه.

كما دعا الأطباء وزير العدل المستشار أحمد الزند إلى تحويل أمناء الشرطة المتهمين في واقعة الاعتداء على أطباء مستشفى المطرية للمحاكمة.

وطالبوا مجلس النواب بتعديل قانون العقوبات لتغليظ عقوبة الاعتداء على الأطباء خلال ممارستهم لأعمالهم من جنحة إلى جناية.

وشددوا على ضرورة إلغاء هيئة التدريب الإلزامي التي قرر وزير الصحة إنشاءها واعتبرها الأطباء إهانة لهم.

وهدد الأطباء بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لتلك المطالب خلال أسبوعين، من بينها الامتناع عن تقديم أي خدمة بأجر للمواطن في المستشفيات الحكومية وتحويل الخدمة الطبية بالكامل للمجان، والإضراب الجزئي عن العمل.

وإثر ذلك أصدر رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل بياناً صحفياً غامضاً دعا فيه لمعاقبة المخالفين في واقعة الاعتداء على الأطباء، وقال “من المهم استكمال التحقيقات القضائية الجارية، في واقعة الاعتداء على الأطباء ومعاقبة المخالفين والمدانين فيها”، في إشارة إلى اعتداء عناصر أمن، على طبيبين، الشهر الماضي.

وأضاف “إن الحكومة، حريصة على الحفاظ على كرامة المواطن، ومنع أي اعتداء عليه”.

 

أكبر حشد منذ 3 جويلية 2013

وكما قلنا، فالمشهد أمام مقر نقابة الأطباء، يوم أمس (الجمعة)، بدا غريباً على الساحة المصرية التي لم تشهد تظاهرات “غير مسيسة” بهذا الحجم منذ نهاية عام 2013، عندما صدر قانون التظاهر، وتم الزج بعشرات النشطاء في السجن عندما تظاهروا احتجاجاً على ذلك القانون.

نفس ذلك القانون، إضافة إلى تهمة الإرهاب، كان وراء الزج بأكثر من 40 ألفاً من معارضي السلطة من أنصار الرئيس محمد مرسي إلى السجون.

 

كيف تصاعد المشهد؟

ولكن الأطباء والإخوان لم يعودوا شيئاً واحداً، وهذا مبعث القلق في مظاهراتهم، ففي ديسمبر 2013 وبعد أشهر قليلة من الإطاحة بمرسي – العضو في جماعة الإخوان المسلمين – أطاح الأطباء بسيطرة الإخوان على النقابة التي امتدت ثلاثة عقود، وانتخبوا مجلساً ليس على خصومة مع النظام الجديد.

وبعيداً عن الدلالة السياسية للإطاحة بمجلس نقابة الأطباء القريب من الإخوان، عبر أطباء عديدون عن تأييدهم لإطاحة الجيش بحكم الإخوان، وفي بعض الفيديوهات التي انتشرت بشكلٍ هائل في ذلك الوقت للتعبير عن حب يصل درجة التقديس للجنرال عبد الفتاح السيسي كان أبطالها أطباء، أحد تلك الفيديوهات الشهيرة كان لطبيبة تتحدث عنه بعبارة “بحبه قوي قوي قوي” حتى صارت مثلاً.

المدهش أن ذات الطبيبة، التي “تحبه قوي قوي قوي” اضطرت بعد أشهر قليلة للخروج في مظاهرة محدودة ضد سياسة التفرقة التي تمارس ضد الأطباء العاملين في المستشفيات الحكومية ولا يحصلون إلا على 1/7 من راتب أقرانهم في مستشفيات الجيش، وقالت في الفيديو أنها لا تريد أن تتحدث أكثر حتى لا تشمت الإخوان، مؤكدة أن حال الطبيب لم يتحسن في عهد السيسي.

وفي فيفري 2014 اضطرت الأمين العام الجديد لنقابة الأطباء الدكتورة منى مينا إلى التقدم باستقالتها من منصبها النقابي احتجاجاً على عدم استجابة وزارة الصحة لمطالب الأطباء في رواتب عادلة، وظروف عمل محترمة.

ومع تصاعد وتيرة اعتقال العديد من الأطباء بدعوى الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين بدأت العلاقة المتوترة بين النقابة والسلطة تتزايد.

ففي فيفري 2014، قررت الجمعية العمومية تشكيل لجنة لمتابعة أوضاع الأطباء “المعتقلين منذ انقلاب 3 جويلية” وطالبت السلطات بإطلاق سراحهم فوراً.

وخلال الجمعية أعلن الدكتور خيري عبد الدايم نقيب الأطباء “إن النقابة لن تنسى الأطباء المعتقلين والمصابين في الأحداث الأخيرة وأسرهم ولن تدخر جهداً في المطالبة بالإفراج عنهم”.

 

تصاعد الغضب

المشهد الغاضب لأطباء مصر والذي أطلقوا عليه “يوم الكرامة” احتجاجاً على اعتداء مجموعة من أمناء الشرطة على طبيبين، لم يكن الحالة الأولى، فقد تكررت وقائع الاعتداء على الأطباء من قبل رجال الشرطة أو المواطنين بسبب غياب التأمين الكافي للمؤسسات الصحية.

ورصد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية – بالتزامن مع اجتماع الجمعية العمومية الجمعة – 14 واقعة اعتداء على مزودي خدمات صحية عـام 2014، وزادت إلى 39 واقعة عام 2015 وتنوعت أشكال الاعتداء من السب والضرب إلى التهديد بالقتل والسجن وإشهار الأسلحة في وجوههم.

 

هل ينضم آخرون؟

إذا كانت أسباب الانفجار موجودة، فإن الأمر قد لا يحتاج أكثر من شرارة ليحدث، وربما يكون هذا تحديداً ما يزعج السلطات المصرية فيما يتصاعد الكبت.. ومشهد تجمع الأطباء، وجد تأييداً واسعاً من معظم الجهات في مصر، ولا سيما من قبل النقابات والمنظمات الحقوقية والسياسيين ممن لا يتضامنون بالضرورة مع معارضي السيسي، فقد أعربت 13 منظمة حقوقية عن تضامنها الكامل مع الأطباء، قبيل اجتماع جمعيتها مثمنة مساعيها لحماية كرامة الأطباء وضمان سلامتهم الشخصية وحمايتهم.

وأعربت نقابات الصحفيين والمهندسين والمعلمين والنقل العام والنقل البري عن تضامنها.

وأصبح وسم “#ادعم_نقابة_الأطباء” الأكثر تداولاً على موقع تويتر، ليس في مصر وحدها بل عالمياً، وتفاعل معه عدد كبير من السياسيين المصريين رغم اختلافاتهم.

واعتبر الدكتور سيف عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في تغريدة، إن معركة نقابة الأطباء لا تخص الأطباء وحدهم بل معركة وطن يحاول انتزاع حريته.

ورأى الباحث السياسي علاء بيومي، في عودة المظاهرات شعوراً شعبياً بفشل النظام وفشل معارضيه على السواء وشعوراً من الناس أن الثورة سرقت ولكنها لم تمت.

وقال أيضاً عبر فيسبوك: “مظاهرات الألتراس ثم حشود الأطباء أضف إليهم الحالة الاقتصادية المقلقة للغاية تعني أن النظام أمامه عامٌ صعب للغاية، وممكن وتيرة المظاهرات تتسارع بشرط أن تفسح لها القوى السياسية المجال، هي مجرد عودة بمظاهر جزئية، لا يجب التسرع بتسييسها أو اعتقاد أنها ثورة”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!