نظّم المعهد ال​لبنان​ي لدراسات السوق مؤتمراً صحافياً، تحت عنوان "قطاع ال​كهرباء​ في لبنان: الحلول في متناول أيدينا"، يوم الثلاثاء 20 آذار 2018 في فندق "لوغري" في بيروت، وقد استضاف المؤتمر الخبير الفرنسي في سياسات المنافسة، وخصوصاً في الأسواق التي تتميز بتأثيرات الشبكة مثل سوق الكهرباء بيار غاريلو والذي عمل مستشارا للعديد من الدول مثل جورجيا التي كانت تعاني من تقنين في الكهرباء تماماً مثل لبنان.

وافتتح المؤتمر رئيس المعهد باتريك المارديني قائلاً: "يشهد قطاع الكهرباء تجاذبات سياسية ومالية قد تطيح بخطة الكهرباء التي اقترحها وزير الطاقة سيزار أبي خليل. ومشاكل هذه الخطة عديدة منها كلفة استئجار السفن وكلفة بناء معامل جديدة، والتي قد تطيح بميزانية الدولة اللبنانية، هذا إذا ما تم التوافق عليها أصلا، ومثلما يتم اليوم تقييم خطة السفن لقد حان الوقت لتقييم حلول جديدة."

وقد تحدث غاريلو في المؤتمر قائلاً: "قررت أغلبية البلدان ابتداءً من تسعينيات القرن الماضي فصل الإنتاج عن النقل والتوزيع وفتح ما يمكن فتحه من أقسام إنتاج الكهرباء أمام المنافسة من أجل الاستفادة من الديناميكية والابتكار الذي يرافق هذا الانفتاح. ولم يبق تحت الاحتكار سوى نقل الكهرباء بحكم أنه يتطلب بناء وصيانة شبكة من خطوط التوتر العالي، وهو أمر مكلف وصعب التنفيذ. وقد جرت تقوية دور هيئات الدولة التنظيمية التي أصبح هدفها أن تضمن وصول مختلف المنتجين إلى شبكة النقل والتوزيع بما في ذلك المنتجين الأجانب."

وتابع غاريلو قائلاً:" أما في لبنان، فالمؤكد أن هذا التحول صعب ولكنه غير مستحيل. لقد بات ضرورياً فتح الأسواق للمنافسة وإعادة وضع تسعيرات جديدة حتى يكون الزبائن والمنتجون على معرفة أين يستثمرون ومتى يرشدون استهلاكهم، وينبغي كذلك إنشاء هيئات تنظيمية مستقلة عن القوى السياسية." وختم غاريلو قائلاً في العام 2004، كانت دولة جورجيا تعاني من 19 ساعة من التقنين يومياً ونسبة 30% من الجباية الفعلية وتستورد الكهرباء من الدول المجاورة، بالإضافة إلى دين وفساد كبيرين حيث لم يكن وضع جورجيا أفضل من وضع لبنان اليوم، وفي العام 2006، استطاعت جورجيا عبر تحسين الشفافية وتحرير القطاع، الحصول على 24 ساعة من الكهرباء ونسبة 96% من الجباية الفعلية، وأصبحت اليوم تصدر الكهرباء."

وأكد غاريلو في رده على أسئلة الصحافيين، أن لبنان لا يمكن أن ييستمر على ما هو عليه في موضوع الإنتاج وأن عليه أن يرى أين تكمن مصلحته في هذا القطاع: هل في السفن أم في بناء المعامل، علماً أن السفن هنا لا يستقدمها القطاع الخاص، بل الحكومة.

زشدد غاريلو على أهمية العدادات الذكية في وقف الهدر، معتبراً أن سياسة الخصخصة مفيدة في تأمين التيار الكهربائي حتى وإن ارتفعت الفاتورة بشكل أكبر، ومن جهته أكد مارديني أن المعهد على اتصال بمختلف الأفرقاء على الساحة اللبنانية من أجل إيجاد الحلول المناسبة لقطاع الكهرباء، لافتاً إلى أن البعض يستجيب والبعض الآخر لا يستجيب، إلا أن ذلك لا يمنعنا من مواصلة نقاش هذا الموضوع.

وعلى ضوء المؤتمر كان لموقع الاقتصاد لقاء خاص مع المحلل الاقتصادي في المعهد اللبناني لدراسات السوق مجدي عارف حيث اشار الى ان المعهد منذ اكثر من عام تطرق الى قطاع الكهرباء في لبنان مشددا على ضرورة وجود منافسة في السوق واعطاء رخص للشركات مما يمكنها من المنافسة وتقديم الخدمات بافضل الاسعار،والمواطن اللبناني اليوم يدفع عدة فواتير للكهرباء بالاضافة الى غلاء الاسعار الحاصل مما ادى الى ارتفاع التكلفة التي يتكبدها، نتج عنها العديد من المشاكل على اعتبار ان قطاع الكهرباء هو القطاع الاساسي ويدخل في اغلب القطاعات والمجالات منها الصناعة الزراعة.

واشار عارف الى ان غاريلو لديه خبرة كبيرة في قطاع الكهرباء ناجمة عن عمله في العديد من الدول التي مرت بالمشاكل التي نواجهها اليوم في لبنان مثل جورجيا التي عانت من المشاكل السياسية وارتفاع معدلات الفساد في ظل نظام سياسي صارم واستطاعت التخلص من هذه المعوقات.

ولفت عارف الى ان الطرح الذي يقدمه المعهد اللبناني لدراسات السوقفي قطاع الكهرباء جديد ويطرح مرحلة صعبة ستتطلب وقتا ليتقبلها اللبناني ، كما ان تجربة لبنان في الخصخصة لم تكن جيدة نظرا الى انها لم تترافق مع خطوة فتح الاسواق وبالتالي بات المواطن يخاف من فكرة الخصخصة التي ترافقت مع ارتفاع في الاسعار مع تدني مستوى الخدمات لم تؤدي الى منافسة حقيقية.

واعتبر عارف ان المشاكل التي يعاني منها قطاع الكهرباء في لبنان اليوم هي نتيجة تراكمات نظرا الى ان الدولة تبحث بشكل دائم عن الحلول السريعة ولا تعمد الى ايجاد حلول جذرية وهذه الحلول السريعة مثل استئجار البواخر او شراء الكهرباء من الخارج تكلفتها باهظة على المواطن في ظل وجود هدر في الشبكة وارتفاع سعر الكهرباء والتغاضي عن حلول اخرى افضل وارخص، وهذه الحلول السريعة تدفع الدولة اللبنانية عاما بعد عام الى مزيد من الاستدانة، وان البند المطروح في معالجة ملف الكهرباء الرامي الى بناء معامل انتاج ليس من شأنه ان يحل الازمة نظرا الى ان مشكلة الكهرباء في لبنان ليست في الانتاج بل هناك مشكلة هدر كبيرة جدا وبالتالي فان زيادة الانتاج في ظل الاسعار الراهنة والتي تعتبر اقل من سعر التكلفة سيؤدي الى ارتفع الدين بشكل كبير وهذا السبب الرئيسي الذي يعيق الدولة من بناء المصانع وزيادة الانتاج.

وفي اطار اهمية توعية المواطنين على اهمية الالتزام بدفعة الرسوم والفواتير اعتبر عارف انه نظرا الى ان الكهرباء قطاع عام وبالتالي فان الملاحقة ليست جدية ولكن الشركات الخاصة ستتمكن من تحصيل الاموال ودفع المواطنين الى سداد الفواتير وستكون على دراية تامة بالسوق وبسبل علاج هذه المشكلة، وختم عارف مؤكدا على ان المنافسة هي الحل والقطاع العام ليس من مسؤوليته الانتاج بل حماية المواطن ووضع القوانين المنظمة لسير العمل في كافة المؤسسات والقطاعات.