الأحد 2018/07/01

آخر تحديث: 13:40 (بيروت)

"درع الفرات":حكومات محلية تدعمها تركيا

الأحد 2018/07/01
"درع الفرات":حكومات محلية تدعمها تركيا
Getty ©
increase حجم الخط decrease
شهدت منطقة "درع الفرات" في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي عودة قسم كبير من الخدمات الأساسية، على مدى الاشهر الماضية، بالتزامن مع حصول المجالس المحلية فيها على دعم تركي منتظم، تمثل بإمداد موظفيها برواتب شهرية، وتزويدها بالوسائل والمعدات اللازمة لتمكينها من القيام بمسؤولياتها.

ويبلغ عدد المجالس المحلية الرئيسية في المنطقة 10 مجالس، يتبع لكل منها مجالس صغيرة تتلقى الدعم منها، ويتصدر المجلس المحلي في مدينة الباب قائمة المجالس الأكثر نشاطاً من حيث الدعم المقدم، وحجم المشاريع المنفذة، والفرص التشغيلية التي يؤمنها المجلس شهرياً في المشاريع الخدمية الدائمة والمؤقتة. ويأتي مجلس جرابلس في المرتبة الثانية من حيث حجم المشاريع الخدمية المنفذة والدعم المقدم. أما مجالس إعزاز والراعي ومارع وأخترين وصوران وبزاعة وقباسين والغندورة، فتأتي في ترتيب أقل من حيث إمكاناتها، وعدد موظفيها وحجم المشاريع المنفذة.

يتعامل الجانب التركي مع المجالس المحلية الرئيسية في المنطقة بصفتها حكومات محلية بيدها إدارة شؤون المنطقة كاملة، وتعتبر قوات الشرطة والأمن العام ذراعاً تنفيذية في كثير من الأحيان في الأمور التنظيمية وتطبيق القوانين التي تفرضها المجالس على الأهالي. وحقق الجانب التركي هيمنة شبه كاملة على المجالس المحلية في المنطقة منذ أن بدأ بصرف رواتب شهرية لموظفيها، بمعدل 530 ليرة تركية شهرياً للموظفين، و800 ليرة تركية لأعضائها الفخريين الذين تم اختيارهم بتوافق محلي. ولم يتدخل الجانب التركي في تشكيل تلك المجالس إلا في حالات أمنية؛ أي عندما يكون العضو أو الموظف غير مرغوب فيه محلياً، أو يشتبه بأنه يتملك علاقات بمنظمات تعتبرها تركيا إرهابية. الهيمنة على المجالس من قبل الجانب التركي تحققت في شكلها الحالي بعدما تولت "إدارة الطوارئ والكوارث التركية/آفاد" مسؤولية الإشراف الكامل على العمل الإنساني والإغاثي في المنطقة. ولا يمكن لأي منظمة أجنبية أو محلية العمل من دون إشرافها.

وتتبع المنطقة ادارياً إلى ولايتي غازي عينتاب وكيليس جنوبي تركيا. القسم الشمالي الشرقي من ريف حلب المقابل لولاية غازي عينتاب يتبع لها، في حين يتبع ريف حلب الشمالي ادارياً لولاية كيليس. وانتدب الجانب التركي ممثلاً عنه في كل مجلس يحمل الصفة الرسمية: "مساعد والي"، وهو بمثابة والٍ على المدينة التي تتبع لها قرى ومزارع، وهذا المنصب يتسلمه 10 أشخاص هم بمثابة صلة الوصل بين المجالس المحلية والوالي.

عملياً، تفوقت المجالس المحلية في المنطقة، والمدعومة من الجانب التركي، على نظيرتها المجالس العسكرية التي هيمنت على مراكز "درع الفرات" الرئيسية، خلال السنوات الماضية، حينها كان دور المجالس المحلية ثانوياً. وفي الغالب كانت المجالس المحلية تحت مظلة المجالس العسكرية. ويمكن القول إن المجالس المحلية حققت استقلاليتها، في الوقت الراهن، عن الفصائل المسلحة في المنطقة بنسبة 80 في المائة. ويسعى الجانب التركي إلى فك هذا الارتباط العضوي، خلال الفترة المقبلة، بشكل كامل، بحيث ينعدم تأثير الفصائل المسلحة في تشكيلة المجالس المحلية.

المجالس المحلية التي تتبع لولاية غازي عينتاب تلقت عناية أكبر، من ناحية حجم الخدمات المقدمة، نوعيتها وكثافتها. وحصلت مدينة الباب، أكبر مدن" درع الفرات "، على حصة كبيرة من الدعم، وتم تأهيل نادي الباب الرياضي، وأنشأت مديريات تابعة للمجلس، منها مديرية المواصلات. وتم ترميم الكراج المركزي في المدينة، وشكلت العديد من النقابات؛ نقابة الأطباء، والصيادلة. وتم تأسيس مكتب الثروة الحيوانية. وتعتبر غرفتا الصناعة والتجارة في الباب من أكبر الغرف الفعالة في المنطقة.

وعقد المكتب التعليمي في الباب شراكات مع جامعات تركية بهدف افتتاح فروع لها في المدينة. الشراكة الأولى كانت مع أكاديمية باشاك شهير التركية قبل أشهر والتي تقدم شهادات جامعية معترف فيها في تركيا والأردن. ومؤخراً عقد المجلس شراكة مع جامعة حران التركية لافتتاح فرع لها في الباب، وتم تجهيز المقر وترميم الموقع الذي كان في ما سبق ثانوية شرعية على نفقة الجانب التركي. ومن المقرر أن تفتتح الجامعة أبوابها للطلاب مطلع العام الدراسي 2018 – 2019، ومن المتوقع أن تستقبل قرابة 500 طالب يتوزعون على الفروع العلمية المقرر افتتاحها مبدئياً؛ الهندسة والعلوم. كما قام المكتب التعليمي في الباب بإجراء امتحان قبول "اليوس" الخاص بالجامعات التركية قبل أشهر قليلة لإتاحة الفرصة أمام الطلبة في المنطقة للتسجيل في الجامعات التركية. كما تم ترميم معظم المقرات والمؤسسات الحكومية في الباب؛ مؤسسة الكهرباء، ودائرة النفوس التي تم تفعيلها مؤخراً.

الأمر ذاته، ولكن بشكل أقل، جرى في مدن قباسين وبزاعة والغندورة التي تعتبر صغيرة مقارنة بمدينة الباب. وتأتي جرابلس في المرتبة الثانية من حيث النشاط الخدمي والدعم الذي يحصل عليه المجلس من ولاية غازي عينتاب. ويضاف إلى الدعم الذي تحصل عليه جرابلس من مركز الولاية، دعم تقدمه جمعيات قومية تركية، باعتبار أن عدداً كبيراً من التركمان السوريين يقطنون المدينة والقرى القريبة منها.

في المقابل، كانت فرص الدعم، ومستوى الخدمات المتنوعة التي قدمتها المجالس المحلية التي يديرها مسؤولون من ولاية كيليس؛ في إعزاز ومارع وصوران وأخترين والراعي، أقل عن مثيلاتها في القسم الشرقي من "درع الفرات". وربما يعود السبب في ذلك إلى ضعف الإمكانيات بين الولايتين، ووجود مسؤولين أتراك في عينتاب لديهم رغبة حقيقية في بناء شراكة بين الولاية والمجالس المحلية في "درع الفرات"، وتقديم خدمات متنوعة، يقابله بطبيعة الحال تشكيلة مجالس متجاوبة، كما في مجلس الباب الذي تم تشكيله بعد طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من المنطقة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها