هيلاري كلينتون نصف قرن من "السياسة والطموح"

بعد نصف قرن قضته في رحلة سياسية غير عادية تحتفل هيلاري كلينتون بعيد ميلادها السابع والستين وهي تنظر بنصف عين لماضيها العريق، وبعين مفتوحة كلها أمل في مستقبل أكبر يحقق لها إنجازها الوحيد الذي ينقصها وهو أن تصبح أول رئيسة للولايات المتحدة.
 
الحلم كان في متناول أيديها منذ ست سنوات ولكن من سوء حظها أن خصمها كان باراك أوباما، الذي أجبرها بحضوره المميز وشخصيته المؤثرة للتنحي عن السباق الرئاسي ومنحها في النهاية حقيبة الخارجية التي بادرت هي بتركها مع نهاية الفترة الأولى لمنافسها الأسمر أملا في التحضير جيدا لسباق رئاسي جديد يعود بها الى البيت الأبيض.
 
ولدت هيلاري ديان رودام في 26 أكتوبرعام 1947 في كنف عائلة محافظة في إيلينوي، لكن أصر والدها على ألا يكون جنسها عائقا أمام تحقيق أحلامها، وكانت الزعامة أكبر طموحاتها فبدأت حياتها السياسية مبكرا، حيث ساعدت في الحملة الانتخابية للجمهوريين عام 1960، عندما كان عمرها 13 عاما، الا أنها تعتبر أن البداية الحقيقية لها كانت عام 1962، بعدما غادرت الحزب الكبير إثر لقاء مطول مع مارتن لوثر كينغ الذي أقنعها بتبني أفكار أكثر ليبرالية، ودفعها للاندماج في حركة الحقوق المدنية.
 
قدر هيلاري كلينتون كان بقدر طموحها فما ان وصلت الى جامعة ييل عام 1971 لدراسة القانون، حتى التقت بشريك العمر بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة فيما بعد والذي أقنعها أولا بقطع صلتها بالجمهوريين والانغماس في العمل التطوعي كمستشارة قانونية للفقراء، وشارك الاثنان في السنة التالية في الدعاية للمرشح الديموقراطي للرئاسة، جور ماكجوفيرن.
 
وبعدها بعامين تحولت لنجم سياسي شاب بعد اختيارها كباحثة في تحقيقات فضيحة ووترجيت التي أدت الى استقالة ريتشارد نيكسون عام 1974، ولكنها تفرغت بعد انجابها لطفلتها الوحيدة تشيلسي لدعم المستقبل السياسي لشريك حياتها، الذي كان يسعى للحصول على مقعد في مجلس النواب، ثم ساندته مجددا حتى تم انتخابه حاكم الولاية أركنساس عام 1979، وهو موقع احتفظ به بشكل متواصل تقريبا حتى عام 1992، وطوال هذه الفترة كانت تعمل كلينتون في مجال المحاماة.
 
الظهور السياسي الثاني لهيلاري كلينتون لم يقتصر على دعم جهود زوجها للوصول للبيت الأبيض، ولكنه امتد حتى وصفت بأنها الشريك السياسي لبيل في قيادة الدولة العظمى خاصة وأن الأول كلفها بملفات رسمية في مجال التعليم، وتم إعداد مكتب رسمي لها في الجناح الغربي بالبيت الأبيض للتفرغ لمهمة اصلاح النظام الصحي بحيث يكون التأمين متاحا لجميع الأميركيين، كما نجحت هيلاري في انقاذ زوجها من عدة فضائح سياسية ومالية خاصة فيما يعرف بفضيحتي "وايتووتر"، ومونيكا لوينسكي لتخرج فائزة بثقة عدد كبير من المواطنين الأميركيين.
 
بعد الخروج من البيت الأبيض بدأ بيل كلينتون رد الجميل لزوجته فساعدها عام 2000 لتصبح أول زوجة رئيس ترشح لمنصب حكومي، وحازت على مقعد في مجلس الشيوخ لدورتين متتاليتين، ثم دعمها عام 2007 لخوض انتخابات الحزب الداخلية للترشح لمنصب الرئيس وكادت أن تنجح لولا الجهود الجبارة للحملة الانتخابية للرئيس الشاب باراك أوباما والتي وصفت بأعظم حملة انتخابية في التاريخ.
 
ورغم الهزيمة حافظت هيلاري على حضورها في عالم السياسة فأصبحت أول وزيرة خارجية في عهد أوباما وتركت المنصب بإرادتها بعدما احتلت المركز الثانى في قائمة أكثر نساء العالم نفوذا عام 2012 بعد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وفقا لتصنيف فوربس، لتبدأ مبكرا لعبة التخطيط لاقتناص مقعد الرئيس ورغم أنها ترفض اعلان ذلك صراحة الا أن هناك حملة بدأت عملها بالفعل بجهود بعض المتطوعين، ولا يعوقها الا عامل السن فهيلاري ستكون وقتها على مشارف السبعينيات من عمرها، إضافة لعامل الصحة بعدما تعرضت السيدة الطموح لأزمات صحية متتالية، وهو ما دفعها للتأكيد بأن موقفها النهائي من الترشح لانتخابات 2016 سيعلن العام المقبل.