على أعتاب 2017

خبر اقتصاد 2016..الأسوأ في التوظيف والفقر والبطالة والمشاريع الاقتصادية

الساعة 07:41 ص|18 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

أيام قلائل ويرحل عام 2016، الذي لم يكن أفضل حالاً من الأعوام التي سبقته، بل كان أكثر سوءاً وتشاؤماً، على كافة الأصعدة والمجالات، لا سيما الوضع الاقتصادي الذي بدأ بالترهل منذ الانقسام الفلسطيني، واستمرار الحصار « الإسرائيلي » على قطاع غزة، فبات يراوح مكانه منذ عشر سنوات.

فالبطالة تفاقمت والفقر تفشى، والوظائف شُحت، وعائلات بأكملها باتت تدق أبواب المساعدات الاجتماعية، في ظل انقسام قضى على كل مشاريع التنمية وإمكانية انعاش الأوضاع الاقتصادية، ونجاتها من انتكاسة قد تتطيح باقتصاد أكثر مناطق العالم ازدحاماً بالسكان مقارنة بمساحتها.

لم تختلف آراء الاقتصاديين في الوضع الاقتصادي خلال الأعوام العشرة الأخيرة، برغم اختلاف الأحداث الاقتصادية عام عن آخر، فكانت أزمات العام الحالي 2016 الاقتصادية هي نتاج لما تمر به الحالة السياسية منذ عام الانقسام الفلسطيني واستمرار الحصار.

المحلل الاقتصادي والمالي أمين أبو عيشة، أجمل في حوار مع « وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »، نقاط وتفاصيل الأوضاع الاقتصادية خلال عام 2016، وتوقعاته لما يمكن أن تحمله لعام 2017 المقبل.

فقد أكد أبو عيشة، أن الوضع الاقتصادي المحلي في عام 2016 يُراوح مكانه، منذ الانقسام الفلسطيني قبل عشر سنوات، وهو الأسوأ منذ عشر سنوات، بل يزيد تفاقماً في كافة جوانبه سواء كان التشغيل والوظائف وعقود البطالة المؤقتة، أو المشاريع الاقتصادية والعمل على معبر رفح.

معدلات البطالة مأهولة جداً في قطاع غزة وذلك يرجع لنقص فرص العمل، وعدم وجود نمو اقتصادي في المنظومة الاقتصادية، وانعدام الاستثمار.

التشغيل والوظائف والعقود المؤقتة

أما بخصوص التشغيل، فأوضح أبو عيشة أن حال التشغيل في قطاع غزة يكاد يكون معدوماً لأن قطاع غزة يرتكز حالياً على التوظيف المؤقت وليس الدائم، خاصةً في الوظائف السيادية، مبيناً أن وزارتي التربية والتعليم العالي والصحة تحديداً تُقدر العجز فيها من 1500- 2000 وظيفة، وهي بحاجة لتغطية مالية لسد هذا العجز، حيث يشهد هذان القطاعان مشكلةً في الهيكلية الإدارية تحديداً لقطاعي التعليم والصحة.

وبين أبو عيشة، أنه منذ ثلاثة أعوام لم يتم تعيين موظفين بشكل رسمي على بند موظف الخدمة المدنية، وأن ما يجري هو توقيع عقود، سواء كانت عقود وزارة التربية والتعليم، أو عقود تعاون أو مناطق مهمشة أو عقود أوائل الطلبة، وهي عقود تتراوح مدتها ما بين سنة و3 سنوات.

وأكد أبو عيشة، أن العقود المؤقتة تُشكل أزمة للمؤسسة سواء كانت تعليمية أو صحية، كما تشكل مشكلة بالنسبة للموظف بالعقد حيث لا يُعامل معاملة الموظف في قانون الخدمة المدنية، ويعمل على إهدار حقوقه في الراتب أو التقاعدية.

قطاع غزة يحتاج لمعدل نمو يتراوح بين 7- 14%، كما أن هناك أكثر من 170 ألف عاطل عن العمل أغلبهم من فئة الشباب، حيث يحتاج القطاع خلال عام 2020، إلى 300 ألف فرصة عمل لإبقاء معدلات البطالة حول معدلات 43.5%.

البطالة والفقر

أما معدلات البطالة والفقر، فذكر أبو عيشة أنها تتفاقم في قطاع غزة، حيث زادت بنسبة 60% - 65%، فيما ارتفعت وتركزت البطالة في فئة الشباب والخريجين وطالبي العمل لتصل لنسبة 75%، فيما لازالت أعلى معدلات بطالة في المنطقة العربية بين الشباب تبلغ فقط 43.5%.

ونوه، إلى أن المعدلات مأهولة جداً في قطاع غزة وذلك يرجع لنقص فرص العمل، وعدم وجود نمو اقتصادي في المنظومة الاقتصادية، وانعدام الاستثمار.

وقال أبو عيشة: أن إعادة التشغيل في الاقتصاد يحتاج إلى نمو اقتصادي وتحسن في دخل الفرد واجمالي الناتج المحلي، واستثمارات في القطاعات الإنتاجية والصناعية والتجارية والخدماتية، لكي يتم استيعاب جزء من العاطلين عن العمل،  وتصبح هناك مرونة تشغيلية.

وبين، أن قطاع غزة يحتاج لمعدل نمو يتراوح بين 7- 14%، للحفاظ على معدلات البطالة وهي 43.5%، مضيفاً أن هناك أكثر من 170 ألف عاطل عن العمل أغلبهم من فئة الشباب، حيث أن قطاع غزة بحاجة خلال عام 2020، إلى 300 ألف فرصة عمل لإبقاء معدلات البطالة حول معدلات 43.5%.

وأكد، أن هذه الأسباب أدت لتراجع في المنظومة الاقتصادية والتشغيلية في قطاع غزة، وازدياد نسبة الفقر، حيث أن 80% - 85% من مواطني قطاع غزة يتلقون مساعدات إنسانية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

السلطة مازالت تنفق شهرياً على قطاع غزة مبلغ يتجاوز الـ120 مليون دولار، من خلال فاتورة رواتب الموظفين البالغ عددهم 80 ألف موظف، وبرنامج أفقر الفقراء التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية.

 

المشاريع الاقتصادية

أما المشاريع الاقتصادية، فنوه أبو عيشة، إلى أن هناك انخفاض في حجم التمويل للسلطة الوطنية الفلسطينية، فقبل الانقسام كانت السلطة تتلقى مايقارب من مليار و300 مليون دولار إلى مليار و500 مليون دولار، حيث أن السلطة مازالت تنفق شهرياً على قطاع غزة مبلغ يتجاوز الـ120 مليون دولار، من خلال فاتورة رواتب الموظفين البالغ عددهم 80 ألف موظف، وبرنامج أفقر الفقراء التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية.

وأضاف، أن الإشكالية تتمثل في خفض المساعدات للسلطة الفلسطينية حيث وصل أدنى مراتبه لـ300 مليون دولار، فضلاً عن وجود فساد مالي لدى بعض المؤسسات، وانعدام الرقابة على تلك المؤسسات، جعل هذه المؤسسات لا تساهم ولا تشارك بأدنى حد من معدلات النمو والتنمية.

وأوضح، أن المشاريع الاقتصادية تُراوح مكانها ليس بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة والانقسام، بل بسبب السياسات، وهذا الأمر لا يعمل على نمو الاقتصاد أو تنميته، فضلاً عن انحسار عدد الممولين.

وذكر على سبيل المثال المشاريع القطرية، التي أكد أنها مستمرة ولكن بوتيرة أقل من التي كانت خلال السنوات الماضية، موضحاً أن التمويل بغض النظر كونه عربياً أو أجنبياً أو تركياً فإنه يكون مشروط، وهنا تكمن الإشكالية، حيث أن التمويل مرتبط بالسياسة، مما يؤثر بشكل سلبي على المنظومة الاقتصادية.

لولا الاحتلال لنمى اقتصاد قطاع غزة نحو 6 مرات مما عليه الآن، ولولا الانقسام لنمى الاقتصاد نحو 20 مرة مما عليه الآن.

محرك عجلة الاقتصاد

ولتحريك عجلة الاقتصاد، أوضح أبو عيشة، أن من يُحرك عجلة الاقتصاد في قطاع غزة هو فاتورة الرواتب والأجور التي تدفعها السلطة لموظفيها، ولكن تُحركها لفترة غير مستدامة تستمر من 10- 20 يوماً، وهذا يُمكن أن يحقق بعض الانتعاش للمطاعم والسياحة الداخلية في ظل الإغلاق المستمر لقطاع غزة، وعدم تمكن المواطنين من السفر للخارج، فلا يعد أمام أهل قطاع غزة سوى السياحة الداخلية.

وبين، أن القطاع السياحي من الممكن أن يكون كما باقي القطاعات يعمل على توظيف عدد من العمال وعدد من المستفيدين وعدد من المستثمرين، ولكن ما زال هذا القطاع يعمل بأدنى طاقاته الانتاجية والتشغيلية نظراً لانحسار النمو في قطاع غزة ونظراً لمعدلات البطالة التي تتزايد.

وأشار إلى أن المنظومة الاقتصادية في قطاع غزة غير موجودة إلا في بعض القطاعات، التي تتعلق بمدى ارتباط هذه القطاعات بوقت صرف الأجور، وغالباً هي أجور الموظفين في السلطة الفلسطينية.

وعن دور القطاع الخاص في بند التشغيل، أكد أبو عيشة، أن هناك انعدام لدور القطاع الخاص في بند التشغيل حيث أن أغلب فرص العمل تكون ضمن بند الواسطة والمحسوبية وعدم الشفافية لعمليات التشغيل وهذه المؤسسات تكون مغيبة في الجانب التنموي.

وشدد في هذا الشأن، على ضرورة أن يكون هناك بند الدور المجتمعي للشركات المربحة في قطاع غزة مثل شركة جوال والاتصالات والبنوك، بحيث يكون لهم مساهماتهم في سد احتياجات المجتمع وأن يكون لهم مشاركاتهم في عملية انماء المجتمع وتحمل جزء من المشكلة الاقتصادية المتمثلة في مشكلة البطالة.

وبين أبو عيشة، أن غياب دور تلك المؤسسات ناجم عن عدم السيطرة الكاملة على قطاع غزة سواء كان من قبل حكومة غزة أو الضفة، إضافةً إلى الأخطاء الاقتصادية وتحديداً السياسات التشغيلية في قطاع غزة، وبالتالي فإن هذه الأخطاء أدت إلى تفاقم الوضع في قطاع غزة بشكل كبير.

ونوه، إلى أنه كان في السابق 7 معابر يتحرك خلالها القطاع الاقتصادي من وإلى قطاع غزة، ولكنها تضاءلت بفعل الاحتلال، مشيراً إلى دراسات أكدت أنه لولا الاحتلال لنمى قطاع غزة نحو 6 مرات مما عليه الآن، ولولا الانقسام لنمى الاقتصاد نحو 20 مرة مما عليه الآن.

عند الحديث عن اقتصاد قطاع غزة لا يمكن اغفال العلاقة بين القطاع وجمهورية مصر العربية

التوجه الاقتصادي المصري

وعند الحديث عن اقتصاد قطاع غزة لا يمكن اغفال العلاقة بين القطاع وجمهورية مصر العربية، خاصةً على الصعيد الاقتصادي، الذي بدأ مؤخراً الحديث عنه في ظل التقارب بينهما، وهو ما أشار إليه أبو عيشة، الذي أكد وجود منافع متبادلة بين الحكومة المصرية وقطاع غزة.

وبين أبو عيشة، أن حجم التبادل مع مصر يبلغ أكثر من 2مليار دولار، يتم ضخها إلى خزينة البنك المركزي المصري، وذلك من شأنه أن يحسن الوضع الاقتصادي، مؤكداً أهمية وجود صندوق استثمار بين قطاع غزة ومصر، وتبادل السلع والخدمات لتطوير العلاقات الفلسطينية المصرية.

ونوه، إلى أن الوضع مع مصر يمر بثلاثة مراحل، أولها التمهيدية والتي تتمثل بفتح معبر رفح ومن ثم الانتقال لمرحلة الانطلاق من خلال زيارة العديد من الوفود بين قطاع غزة والجانب المصري، فيما تتمثل المرحلة الثالثة في التنمية بمعنى أن يكون هناك علاقات تجارية بين قطاع غزة والعديد من الدول وأن يدخل قطاع غزة ضمن الاتفاقيات الاقتصادية مع العديد من الدول العربية.

ضرورة أن يكون هناك خطة عمل متكاملة بإشراك العديد من الوزارات لإنهاء المشكلة الاقتصادية والتقليل من حجم المشكلة وتقديم الحلول اللازمة لذلك.

توصيات

وفي مجمل الحديث عن وضع غزة الاقتصادي، فأكد الخبير الاقتصادي أنه متأزم ويجب أن يكون التشغيل في قطاع غزة « انمائياً » للعمل على تنمية قطاع غزة، وضرورة إنهاء الانقسام وإنهاء اتفاقية أوسلو ضمن خطة قومية متكاملة تعمل على إشراك القطاع في خطة الإنماء في الموازنة العاملة في السلطة.

وشدد على ضرورة تحسين فرص العمل وعدم الاقتصار على بند التشغيل المؤقت، كما يجب أن يكون هناك عمل بشكل واضح على إعادة تشغيل القطاعات المختلفة، إضافةً إلى تدريب وتأهيل المقبلين على العمل، وايجاد برامج دائمة تحسن من معدلات الكساد في قطاع غزة.

كما أكد ضرورة أن تعمل تساهم المؤسسات المربحة في قطاع غزة مثل جوال وغيرها في تنمية قطاع الشباب وإنشاء صندوق يهتم بوضع الشباب في قطاع غزة، وتعديل شروط الوظائف في القطاع العسكري الذي يستنزف الموازنة في السلطة ولا يساهم في عملية التنمية الاقتصادية وليس له دلائل انتاجية على أرض الواقع –خاصةً مع استنكاف موظفي السلطة.

وشدد أبو عيشة ضرورة أن يكون هناك خطة عمل متكاملة بإشراك العديد من الوزارات لإنهاء المشكلة الاقتصادية والتقليل من حجم المشكلة وتقديم الحلول اللازمة لذلك.

 

كلمات دلالية