الحكم بحبس خالد علي... فوائد متعددة للنظام الحاكم

الحكم بحبس خالد علي... فوائد متعددة للنظام الحاكم

26 سبتمبر 2017
خالد علي (Getty)
+ الخط -
قضت محكمة جنح الدقي، الاثنين الماضي، بحبس المحامي المعروف خالد علي، 3 أشهر وكفالة ألف جنيه لاتهامه بارتكاب فعل خادش للحياء العام، أثناء مشاركته في مظاهرة "تيران وصنافير" أمام مقر مجلس الدولة، في كانون الثاني/ يناير الماضي.

أثار الحكم المفاجئ ضجة كبيرة في الوسط السياسي المصري، فخالد علي ليس مجرد محام شهير استطاع أن ينتزع حكما قضائيا تاريخيا بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، ولكنه أيضًا مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة في عام 2018، ويكاد يكون المرشح الوحيد للقوى الديمقراطية في مصر، والحكم بإدانته إذا أصبح نهائيًا، فسيعني أن علي لن يستطيع الترشح للانتخابات الرئاسية، لأن التهمة الموجهة إليه "مخلة بالشرف" بحسب القانون المصري.


بصمات أمنية واضحة
بدت البصمات الأمنية واضحة في قضية خالد علي منذ لحظتها الأولى، فالبلاغ مقدم من المحامي سمير صبري، المعروف بأنه واجهة لبعض الجهات الأمنية تستخدم لإثارة القضايا في المحاكم، وتمت إحالة خالد علي للمحاكمة بعد أقل من 24 ساعة من بدء النيابة التحقيق معه، ودون مواجهته بالأدلة التي قدمها مقدم البلاغ ضده.

رافقت تقديم البلاغ ضد علي حملة إعلامية شرسة ضده، قادها عدد من الإعلاميين المعروفين بولائهم للنظام الحاكم في مصر، على رأسهم الإعلامي أحمد موسى.

الطريقة التي صدر بها الحكم ضد وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، تثير الريبة كذلك، فالمحكمة أصدرت حكمها دون أن تستمع لمرافعة هيئة الدفاع، إذ اقتصرت مجريات الجلسة التي صدر فيها الحكم على تقديم طلبات الدفاع، ومنها طلب تقرير فني محايد من أكاديمية الفنون ومعهد السينما بخصوص صحة الفيديو المنسوب لعلي، وتقديم شاهد نفي، وطلب هيئة الدفاع بالطعن على اللجنة الفنية المقدمة للتقرير وتشكيلها وتقريرها.

واعتمدت المحكمة في حكمها على "تحريات المباحث" التي قالت بصحة الواقعة المنسوبة للمحامى خالد علي، ونسبت له محاولته زعزعة الاستقرار، والتحريض ضد نظام الحكم، كما اعتمدت المحكمة على تقرير الإذاعة والتلفزيون (جهة تابعة للدولة) الذي قال إن الصورة المتداولة للمحامي أثناء ارتكابه الفعل المذكور في الواقعة صحيحة، في حين أنها رفضت التقارير الفنية المقدمة من الدفاع والتي تثبت أن مقطع الفيديو المنسوب لعلي تم التلاعب به.

فوائد متعددة للنظام
كتب المحامي خالد علي معلقًا على الحكم الصادر ضده، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "عندما تصدينا لقضية مصرية تيران وصنافير كنا نعلم أن الثمن سيكون غاليًا، فالقضية تتعلق بمشروعية الحكم الحالي، وجاء حكم المحكمة ليؤكد مصرية الجزيرتين، ويضع النظام في مأزق كامل، فلم يجدوا إلا تلفيق القضية التي صدر الحكم في درجتها الأولى اليوم".

وأضاف علي: "ورغم أن الحكم تجاهل طلبات الدفاع، وجاء دون أي مرافعات من جانب المحامين، ورغم تقديمنا لتقارير فنية تثبت التلاعب في الفيديو المقدم، فإننا مستمرون في طرق التقاضي القانونية، وسنطعن على الحكم، ليس خوفًا من حبس فنحن لسنا أفضل من الشباب الذين دفعوا الثمن من أعمارهم داخل السجون من أجل الدفاع عن مصرية تيران وصنافير، ولا من الشهداء الذين جادوا بأروحهم دفاعًا عن الأرض، ولكن من أجل الحقيقة، نكمل المعركة بنفس الاستعداد السابق على دفع الثمن أو إجلاء الحقيقة كاملة وستبقى تيران وصنافير مصرية".

كان هذا رأي العديد من المتابعين للشأن العام في مصر، إذ رأوا أن قيادة خالد علي للشق القانوني في معركة الدفاع عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير، اللتين أراد النظام الحاكم التنازل عنهما للسعودية، هي السبب في الحكم عليه الآن.

بالإضافة إلى الانتقام من خالد علي وإرهاب المدافعين عن مصرية تيران وصنافير والمهتمين بالشأن العام، يجني النظام المصري فائدة أخرى من هذا الحكم، ففي حال أصبح الحكم نهائيًا -وهو أمر غير مستبعد - سيمنع علي من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو أحد المرشحين بقوة لمنافسة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

هل الانتخابات الرئاسية عبث؟
دفع الحكم البعض إلى القول إن الانتخابات الرئاسية المقبلة هي مشهد عبثي جديد، وأن قوى المعارضة لا يجب أن تشارك فيها، لكن هناك وجهة نظر مغايرة عبر عنها الناشط السياسي الصحافي محمد أبو الغيط، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بقوله: على عكس آراء أصدقاء أعزاء إن الحكم دليل على عبثية محاولة الضغط بالانتخابات، أنا أرى أن الحكم بحد ذاته دليل أنها ليست عبثا، وإذا كانت كذلك كانوا تركوا خالد علي يترشح.

وأضاف: آمل أن البكائيات لا تستغرق طويلًا، وبعدها نرى فورًا ما الخطوة التالية.. هل سندعم مرشحا آخر؟ هل سنقاطع جماعيًا لو حصل واستبعد علي؟ هل سيدعم خالد نفسه مرشحا آخر؟

تبقى هذه التساؤلات عالقة وبحاجة إلى إجابة عاجلة من القوى السياسية المعارضة في مصر، فالانتخابات الرئاسية لم يتبق عليها سوى أقل من 8 أشهر، والتأخر في اتخاذ القرار لا يفيد إلا النظام.

المساهمون