( 1 )

وهو سؤال مثير للقلق في حد ذاته ، ويعتبر ألف باء الاتهامات والتشكيك في النوايا .. ولكن لا بأس ، القلق هو مُشغّـل عملية الفِكـر عموماً ..

لنوضّح السؤال اكثر ..

عندمـا تقـرأ فِكـراً مخالفاً تماماً ، ليس فقط لعقيدتك .. إنما لطريقة فهمـك للدنيـا كلها ، فيزيائياً وإنسـانياً وروحياً ومادياً .. هل تشعر بالنفــور الكلّي ، وتنسحب مباشرة .. أم تستمر لتفقّــد هذا الفكــر ، وتحاول فهمه أو تحليله ..

او على الأقل ، الإعتراف بوجوده على أرض الواقع ..

حصل معي مواقف كثيرة جداً في حياتي في هذه النقطة تحديداً ..

في مراهقتي المبكرة جداً وقع في يدي كتاباً يحمل نصوصاً توراتية يعدها المسلمون إساءة مباشرة في حق الذات الإلهية - وقد كانت لغة الكتاب قذرة فعلاً - .. أتذكــر أن هذا الكتاب صودر من يدي مباشرة ، وتم تقطيـعه بالكامل على يد أحد افراد اسرتي ..

قمت بشراء نسخة أخرى ، وقرأتها كاملة .. وهضمت ما جاء فيه .. ولاحقاً ، عرفت ان جانباً كبيراً من هذه الثقافة ، وعرفت أن بعض النصوص صحيحاً ، وبعض النصوص كان من فبركة الكاتب .. أي استطعت ( نقد ) الكتاب أيضاً ..

=======

( 2 )

الأمر له امتدادات علمية وفلسفية أيضاً ..

قضية ( التطور ) في حد ذاتها تكفي تماماً لأن توقعك في خصومة فكــرية وإنســانية مع الشخص الذي تحاوره فوراً .. سواءً كنت معارضاً للنظرية أو مؤيداً لها .. فوراً ، وبلا أدنى تردد تتكون ملامح رفض كاملة لوجود الآخر ، ومعاداته وخصومته ..

ماذا عن كلمة ( الفلسفة ) .. كلمة الفلسفة بالنسبة للبعض هي بالضبط مثل الصليب الذي يُرفع في وجه مصـاص الدماء في أفلام الرعب في فترة التسعينات .. بمجرد أن تقول له : الفلسفة .. يشعر بنفور هائل منك من اللحظة الأولى ..

والعكس صحيح تماماً .. الاشارة لنص ديني ، آية قرآنية ، حديث صحيح ، في إطار الحديث .. كفيلة بأن تجعل الآخر يشعر بنفور هائل منك ، ويتهمك بكل اتهامات الرجعية والتشدد والمغالاة ..

سؤالي : من أي الفريقين أنت ؟ .. ولن أقول لك ( بصراحة ) ، لأن الصراحة هي أكثر شيء معتاد هنا في I/O ..