محمد غالي يكتب: ماذا لو كان الدستور أولا - منبر الشروق - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:09 ص القاهرة القاهرة 24°

محمد غالي يكتب: ماذا لو كان الدستور أولا

نشر فى : السبت 27 أكتوبر 2012 - 2:50 م | آخر تحديث : السبت 27 أكتوبر 2012 - 2:50 م
محمد غالي
محمد غالي

لابد من وسيلة تحكم تلك العلاقة بين السلطة الحاكمة والشعب ليضمن كل منهما ما له من حقوق وما عليه من واجبات؛ إذا كانت تلك الوسيلة هي الدستور فلما لم يكن هو الخيار الأول بعد ثورة جائت لتطيح بنظام فاسد ودستور فصلت موادة ليثتأثر نظامه الحاكم بالسلطة.

 

في دوائر السياسة القذرة دائما نجد الغلبة للسلطة على حساب الشعب؛ تبدأ المؤامرة السياسية من هنا بقيام المجلس العسكري عند حكمة للبلاد في الفترة الانتقالية بإجراء استفتاء شعبي على إعلان دستوري من صنعه الخاص، بالموافقة عليه بنعم أولا، ليتم كتابة دستور جديد.

 

قامت جماعة الإخوان المسلمين بالترويج للإعلان الدستوري للمجلس العسكري تحت شعار الحفاظ على المادة الثانية من الدستور؛ التي تنص على أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية هي اللغة الرسمية ومبادىء الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريع"، على الرغم من أن هذه المادة لن تتغير مع كتابة دستور جديد بحكم أغلبية المسلمين في الدولة، التي تفرض بقاء تلك المادة في أي دستور جديد.

 

من هنا يظهر لنا جلياً التفاف الإخوان نحو العسكر؛ فالإخوان المسلمين هي الجماعة الأكثر تنظيما والأكثر حرصا على الوصول إلى السلطة بحكم القاعدة الشعبية العريضة والقدرة على حشد الأنصار التي تتمتع بها الجماعة؛ وفي الوقت ذاته يمر المجلس العسكري، وهو السلطة الحاكمة لمصر في تلك المرحلة المشؤومة، بأزمات سياسية طاحنة تؤدي إلى غضب شعبي في مختلف ميادين مصر؛ وعلى وجه الخصوص مركز التيار الثوري، وهو ميدان التحرير يندد بحكم العسكر ويطالب بوضع جدول زمنى محدد لرحيل المجلس العسكرى وتسليم السلطة لرئيس مدني منتخب.

 

وفي ظل الكثير من الجرائم السياسية للعسكر فكر المجلس العسكري في مخرج آمن من تلك المسؤولية السياسية حتى لا يلقى نفس مصير الأب الروحي؛ بعد أن كان على يقين من أن جيشه لن يوجه سلاحه مجتمعا نحو شعبه، وكان أعضاؤه دائما ما كانو يعايروننا أن جيشنا لم يفعل بنا كما فعل كلاب بشار بالشعب السوري وبعض الجهلاء سياسيا كانوا يصدقوهم القول.

 

بعيدا عن نظرية المؤامرة وإحساناً الظن في نزاهة الانتخابات الرئاسية؛ يأتي الحظ ويخدم العسكر في الاختيار بين مرشحين للرئاسة، أحدهما من فلول النظام السابق والآخر مرشح الجماعة المحظورة سابقاً؛ وبموجب اتفاق العسكر والإخوان يأمن الرئيس مرسي خروج العسكر من الحياة السياسية بإحالتهم للتقاعد، ليس ذلك فقط بل يكرمهم بالأوسمة ويعينهم مستشارين.

 

الآن الرئيس المنتخب لديه كل الصلاحيات في ظل مجلس شعب منحل وحكومة فاشلة لا تستطيع إدارة ازمات الدولة؛ وتأسيسية الدستور لم تخرج بعد بالدستور الجديد بعد شهور من الخلاف حول المواد الخاصة بالدين، في حين أن موقف الدستور من الدين واضح منذ كتابة أول دستور مصري.

 

منذ تولي الرئيس مرسي وهو يأتي علينا بالعديد من القرارات التي تحمل في أغلبها جدلاً دستوريا وقانونيا؛ أولها إلغاء قرار المجلس العسكري بحل مجلس الشعب وآخرها إقالة النائب العام؛ فكيف يقيل الرئيس النائب العام في وقت لا توجد فيه جهة قانونية ودستورية واحدة تحاسب الرئيس سياسياً؟

 

 التجربة الديمقراطية لم تكتمل بعد، كان لابد من مجلس قيادة ثورة متوافق عليه يدير البلاد لمدة عامين حتى يعي الشعب كيف يحدد مصيره السياسي بتكوين الآليات التشريعية، التي تتمثل في الدستور ومجلس الشعب؛ أين هو إذاً مبدأ الفصل بين السلطات والرئيس مازال يحكم قبضته على السلطه التشريعية!؟

 

إن المماطلة في تلك الفترة من الفراغ الدستوري ستجلب الكثير من الآزمات وموجات الاحتجاج من شعب يريد أن يبرم ميثاقه مع السلطة بدستور جديد يضمن حقوقه وواجباته ويحقق الكرامة والحرية للمواطن في مصر بعد ثورة لم تصل بعد لأهدافها نتيجة جهل البعض سياسيا، وديماغوجية فصيل سياسي يسعى لخلق نظام سياسي غير سوي سيعود بمصر إلى الوراء لا إلى تلك النهضة التي رسموها على خيال لم نرى منه حتى الآن واقعا ملموساً.

 

اسأل نفسك الآن.. ماهي سلطة الرئيس؟ وما هي صلاحياته؟ وما هو الدستوري؟ وما هو غير الدستوري؟.. لذلك كان لابد من الدستور أولاً.

شارك بتعليقك