محمد غالي يكتب: برنامج الدستور والفصل بين الدولة والحكومة - منبر الشروق - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:09 ص القاهرة القاهرة 24°

محمد غالي يكتب: برنامج الدستور والفصل بين الدولة والحكومة

نشر فى : الثلاثاء 25 سبتمبر 2012 - 6:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 25 سبتمبر 2012 - 6:55 م
محمد غالي
محمد غالي

نقطة تحت عنوان (وسائل الحزب من البرنامج العام) الذي أصدره حزب الدستور تثير جدلا سياسيا؛ حيث تتحدث عن الفصل بين الدولة والحكومة. ويأتى في ثياق برنامج الحزب "أنه من المبادىء الأساسية التي تحكم إدارة شئون أي دولة مبدأ الفصل بين الدولة وأجهزتها الحكومية"؛ ويأتي بشىءٍ من التفصيل في فقرة أخرى يوضح فيها "أن فصل الدولة عن الحكومة يعني أولا التمييز بين أجهزة الدولة المختلفة كالوزارات والهيئات العامة ومجموعة السياسيين الذين يتم انتخابهم دوريا لإدارة شئون العامة، والذين يشكلون الحكومة أي الرئيس والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي".

 

إن ما سبق جملة وتفصيلاً يتعارض مع المفهوم الشامل للدولة التي تحوي مؤسساتها كجزء لا يتجزأ منها، وإحدى تلك المؤسسات هي الوزارات التي تجمعها الحكومة، وهي محل الخلاف إذاً لا يمكن فصل الدولة عن الحكومة. إذا نظرنا إلى الدولة في مصر نجد أن الحكومة ليست بمعزل عن الدولة فهي تحمي هيبة الدولة بالقانون الذي تنظمه هيئات قضائية مستقلة تابعة لإحدى وزارات الحكومة، وهي وزارة العدل ويحكم قبضة القانون، الذراع الأمني المتمثل فى وزارة الداخلية، ناهيك عن فسادها الآن وغيرها من الوزارات متشابكة المهام داخل الدولة.

 

الدولة تشمل الشعب والمكان الذي يشغله جغرافياً والحكومة تخدم الشعب وتدير أزماته وتدير المؤسسات العامة التي تتمثل في المحليات والمرافق العامة ومقدرات الدولة بتفويض من الشعب من خلال وسيط سياسي هو البرلمان الذي يُنتخب أعضاءه دوريا من الشعب، ناهيك أيضا عن نزاهة تلك الانتخابات؛ فنحن نتحدث عن العلاقة التي تربط الدولة والحكومة في ظل نظام ديمقراطي سليم.

 

في فقرة أخرى أسفل نفس البند "فصل الدولة عن الحكومة "؛ وكما جاء في سياق البرنامج العام للحزب "إن الفصل بين الدولة والحكومة شرط ضروري ولازم لقيام نظام حكم سليم وصحي ومعنيّ أولا وأخيراً بخدمة مصالح المواطنين واحترام حقوقهم؛ لأن التدخل بين الدولة والحكومة يؤدى مباشرة إلى استبداد الحكومة واتساع سيطرتها على أمور المواطنين لدرجة غير مقبولة مما يفسد الحكومة وأجهزة الدولة معاً" هذا ما ورد نصاً في البرنامج العام للحزب في غفلة من الكاتب أنه في وجود دستور وطني يحافظ على تداول السلطة في مؤسسات الدولة ويضع ضوابط لذلك بتحديد مدة حكم رئيس الجمهورية الذي يغير بطبيعة الحال الحكومة في بداية عهده إذا كانت لا تعمل للصالح العام أو متدنية الكفاءة؛ ودستور أيضا يضع ضوابط انتخاب البرلمان واختصاصاته عند كل دورة برلمانية؛ والبرلمان من اختصاصه مناقشة الموازنة العامة واستجواب الحكومة، بل وسحب الثقة منها إذا كانت لا تعمل لصالح المواطنين.

 

إذا كان الكاتب يبني دراساته على نظام انتشر فيه الفساد وتكميم الأفواه وغفلت أجهزة الدولة الرقابية وأصبحت مرتعشة الأيدى خوفا من طغاة النظام البائد؛ فنحن الآن في مصر الثورة التي لا يرضى شعبها بدستور لا يرعى مصالح الدولة بمفهومها الشامل في تداول السلطة، وإعلاء قيمة القانون، وفرض الرقابة على أجهزة الدولة، واحترام الحريات وحقوق الإنسان. إن ما سيشكله دستور مصر الثورة، الذي هو شعار لحزبكم السياسي الذي أفتخر به وأدعم قياداته، هو الذي سيضمن القوة للدولة ليس بفصل جزء من كل لا يتجزأ.

 

أحييكم يا من ساهمتم في كتابة البرنامج العام للحزب، فإن هذا الخلاف لا يمثل قطرة في بحر من الفكر والإبداع الذي قام به من كتبوا هذا البرنامج الذي يعلي مصلحة الوطن والمواطن؛ ويهتم بإطلاق الحريات وحماية حقوق الإنسان والمؤسسات المنتخبة والأمن القومي، ومن النواحى الاقتصادية في محاصرة الفقر وتوفير فرص عمل كريمة.

 

أنتظر ردا من القائمين على كتابة برنامج حزب الدستور بعد مراجعة متأنية لنقطة الخلاف فالدولة أكثر شمولا من الحكومة مفهوماً وواقعاً؛ ربما وضعتم نصب أعينكم نظام أحكم على السلطة في قبضته طيلة عقود من الزمن؛ نحن الآن على أعتاب مصر جديدة لن ترضى بفرعون جديد؛ دستورنا الجديد سيحمينا؛ فعلينا أن نحمى صناعته في المرحلة المقبلة حتى لا نرضخ لظلم حاكم؛ والدستور هو شعاركم أيضاً فاحموه معنا بثقلكم الحزبي ليحمينا جميعاً فليوفقنا الله.

شارك بتعليقك