رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رغم همومنا وما يحيط بنا من قوى تتربص بمصيرنا وبمستقبل أجيالنا في خليجنا العربي، وما نعانيه في قطر من حصار الأهل والأشقاء الخليجيين، إلا أننا لن ننسى آلام وأحزان وجراح أهلنا في فلسطين، ولا يمكن أن يمر علينا يوم ذكرى وعد بلفور المشؤوم دون التوقف عنده، ونذكر شبابنا وأجيالنا القادمة بما آل إليه الحال جراء ذلك الوعد المشؤوم، فإن كنا لم نستطيع لأسباب وأسباب أن نسترد ما سلب منا أرضا وموارد وسيادة ومقدسات، فلا يجب السكوت بل من واجبنا أن نغرس في أذهان أجيالنا القادمة جيل بعد جيل أن من حقهم استرداد ما عجز عن استرداده الحكام العرب في ذلك الزمان.
اليوم، يمر على صدور وعد بلفور في الثاني من نوفمبر الحالي مائة عام، وينص ذلك الوعد المشؤوم على "أن الحكومة البريطانية تلتزم إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وأنها سوف تبذل جهودها لتسهيل تحقيق هذا الهدف"، وقد تحقق الهدف المنشود، وقامت دولة إسرائيل في فلسطين عام 1948. ولتذكير جيل الشباب العربي فإن اللورد أرثر بلفور كان وزير خارجية بريطانيا في ذلك العام 1917 م.
(2)
الغريب أن كتب التاريخ العربي المعاصر تركز فقط على دور بريطانيا في إيجاد وطن قومي لليهود في فلسطين وتنسى الدور الفرنسي، والحق أن الداعية الأول والإستراتيجي الرهيب (نابليون بونابرت) هو أول من فكر في إيجاد ذلك الوطن وتمثل فكره في استعمال ظاهرة الوطنية اليهودية والأحلام التوراتية للمطالبة بوطن قومي لليهود إنقاذا لهم من الشتات، وبذلك يتحقق له مجموعة من الأهداف، أهمها: الإفادة من اليهود في صراعه مع بريطانيا، وتوجيه الهجرات اليهودية القادمة من روسيا القيصرية وأوروبا الشرقية نحو أوروبا الغربية إلى اتجاه جديد، وهو فلسطين. لقد وجه بونابرت خطابا إلى اليهود جاء فيه: "من نابليون بونابرت القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية الفرنسية في إفريقيا وآسيا، إلى ورثة فلسطين الشرعيين، أيها الإسرائيليون، أيها الشعب الفريد، الذي لم تستطع قوى الفتح والطغيان أن تسلبه نسبه ووجوده القومي، وأن كانت قد سلبته أرض الأجداد. انهضوا بقوة أيها المشردون في التيه، إن فرنسا تقدم لكم يدها الآن حاملة إرث إسرائيل، وهي تفعل ذلك في هذا الوقت بالذات، ورغم شواهد اليأس والعجز، (.....)" (محيي الدين سليمان المصري، العمل العربي المشترك).
ما أردت قوله هنا أن هناك أكثر من يد ساعدت وعملت وتغاضت عن هجرة اليهود إلى فلسطين وأخرها قيام الكيان الإسرائيلي بشكله الراهن.
(3)
نلاحظ أن نابليون بونابرت في دعوته لليهود بالهجرة إلى فلسطين كان هدفه الجوهري إبعادهم عن فرنسا على وجه التحديد وأوروبا الغربية على وجه العموم إلى جانب استغلالهم ضد بريطانيا العظمى لصالح فرنسا. كذلك نجد أرثر بلفور نفسه أكثر الناس كرها ومعارضة لليهود، وكان دائم الهجوم عليهم، وقام بإصدار تشريعات بعد توليه رئاسة الوزراء للحد من هجرة اليهود إلى بريطانيا لخشيته على بلاده من شر هذه الهجرة.
لويد جورج، رئيس وزراء بريطانيا كان لا يقل كرها لتلك الجماعات، ومن قبلهم تشامبرلين الذي قام بإصدار وعد بلفور لإقامة وطن لليهود في شرق إفريقيا، ونلحظ أن كل من أيد وأسهم باستيطان اليهود في فلسطين كانوا يريدون الخلاص من وجودهم في بلادهم.
ونستدعي في هذه المناسبة خطاب أحد أبطال التحرير في أمريكا بنجامين فرانكلين الذي ألقى خطابا في المجلس التأسيسي لإقرار الدستور الأمريكي عام 1789 في فيلادلفيا قال: أيها السادة لا تظنوا أن أمريكا نجت من الأخطار بمجرد إعلان الاستقلال. فهي ما زالت مهددة بخطر جسيم لا يقل خطورة عن الاستعمار، وهذا الخطر سوف يأتينا من جراء تكاثر عدد اليهود في بلادنا، أن اليهود بمجرد تمركزهم في أي بلد يعمدون إلى القضاء على تقاليد ومعتقدات أهلها وقتل معنويات شبابها بفضل سموم الإباحية واللاأخلاقية أنهم أسرع إلى استنباط الحيل لمنافسة مواطنينا والسيطرة على البلاد اقتصاديا وماليا، أني أناشدكم بأن تسارعوا إلى طرد هذه الطغمة الفاجرة من البلاد قبل فوات الأوان".
(4)
رغم ما يعلمنا التاريخ وما تذكرنا أحداثه إلا أننا في خليجنا العربي لا نعتبر من التاريخ ودروسه، إذا أنحيت باللائمة على الآباء والأجداد من الحكام لكونهم لم يتلقوا تعليما أكاديميا ولم يتفرغوا لدراسة أحوال الأمم فما عذر حكام الخليج الجدد الذين يعادي بعضهم بعضا ويتسابقون لاسترضاء إسرائيل بل ويجاهرون به، رأيتم أعلاه حكام بريطانيا على اختلاف اتجاهاتهم الحزبية وكذلك الفرنسيين يعملون بكل جهودهم لإبعاد اليهود عن مجتمعاتهم وكذلك الأمريكان، وأنتم يا حكامنا الميامين تتسابقون نحوهم أنهم لا يريدون بكم خيرًا، أنهم سيفسدون عليكم كل إنجازات آبائكم وأجدادكم من قبل فلا تضنوا بهم وبمن والاهم ضنا حسنا.
آخر الدعاء: يا رب ارزقنا قيادات صالحة تدفع عنا الشرور وتوحد صفوفنا وتجعل كلمتنا هي العليا على كل البغاة.
يا رب لا تولي علينا من لا يخافك ولا يرحمنا وانصرنا على من عادنا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم يجعل الله لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، فما دام فيه نفس يتردد وعقل يفكر وقلب ينبض فهو عبد مسؤول عن صلاح نفسه وإصلاح محيطه أملا في نهضة شاملة لأمّته، هذا حال المؤمن المسؤول، أما (من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) فقد أوضح القرآن مآله (خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين). وما أجمل التعبير القرآني حين يصوره في عبادته (على حرف) عبادة هشة وعابد غير متمكن في العقيدة، ولا متثبت في الطاعة، يصوره في حركة جسدية متأرجحة قابلة للسقوط عند الدفعة الأولى. ومن ثم ينقلب على وجهه عند مس الفتنة ووقفته المتأرجحة تمهد من قبل لهذا الانقلاب. هذان نموذجان أمام المسلم، وهو وحده من يقرر أي الطريقين يسلك حتى يسلم أو يهلك، وأمام عينه وهو يختار الطريق تحذير القرآن من الانتكاسة بعد الاستفاقة ومن الهدم بعد البناء (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم» [النحل:92]. وهو مثل ضربه الله لمن ينقض العهد وقد قيل في شأنه أنه مثل مضروب لامرأة حمقاء ملتاثة، ضعيفة العزم والرأي، تفتل غزلها ثم تنقضه وتتركه مرة أخرى قطعاً منكوثة ومحلولة ! وكل جزئية من جزئيات التشبيه تشي بالتحقير والترزيل والتعجيب. وتشوه الأمر في النفوس وتقبحه في القلوب وهو المقصود. وما يرضى إنسان كريم لنفسه أن يكون مثله كمثل هذه المرأة الضعيفة الإرادة الملتاثة العقل، التي تقضي حياتها فيما لا غناء فيه! واليوم وبعد انتهاء رمضان يقف كل مسلم أمام نفسه ليقول لها ما قاله الإمام الشبلي حين سئل: أيهما أفضل رجب أم شعبان؟ فقال: « كن ربانياً ولا تكن شعبانياً». ونحن نقول: كن ربانيا ولا تكن رمضانيا. رمضان كان وسيلة خير لإرضاء الله، وقد مضى، وبقي لك الاستمرار على الطاعة، مقتديا بنهج النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان عمله ديمة، كما قالت عائشة رضي الله عنها وقد سئلت: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص يوماً من القيام؟ فقالت: لا، كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع). وهذا لا يكون إلا بمحاسبة دقيقة للنفس والتعامل معها تعامل الحذر منها، الذي لا يأمن غوائلها، هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عمر: « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإنه أيسر وأهون لحسابكم، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتجهزوا للعرض الأكبر «يومئذ ٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية».
1623
| 14 أبريل 2024
بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، صعّد المستوطنون الاسرائيليون من حملة اعتداءاتهم في الضفة الغربية تحت حماية قوات الاحتلال، التي صعَّدت من جانبها أيضا عمليات الاقتحامات المستمرة للمدن والقرى والمخيمات؛ وهي الحملات التي أدت إلى استشهاد 463 فلسطينيا، وإصابة نحو 4750 آخرين، واعتقال أكثر من 8 آلاف فلسطيني. لقد أطلقت مليشيات المستوطنين التي تحظى بدعم من الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حملات عدوانية، تحت حماية قوات الاحتلال، استهدفت السكان والممتلكات في عدد كبير من القرى والبلدات الفلسطينية، حيث تعرض السكان في عدد من بلدات الضفة الغربية لحملة اعتداءات غير مسبوقة، خصوصا قرية المغير شمال شرق رام الله، التي عاشت ليلة رعب، على وقع هجوم مسلح شنه مئات المستوطنين مما ادى إلى استشهاد شاب فلسطيني واصابة العشرات، فضلا عن احراق عدد من المركبات والمنازل. إن الضفة الغربية تواجه منذ بدء العدوان على قطاع غزة، حالة من الاغلاق مع قيود صارمة على حركة التنقل بين المدن والبلدات، فضلا عن المداهمات المستمرة وحملات الاعتقال المكثفة، حيث استشهد ما لا يقل عن 115 فلسطينياً بينهم 33 طفلاً خلال الأسابيع الماضية، وأصيب أكثر من 2000 آخرين، كما جرى تهجير ما يقرب من 1000 فلسطيني قسراً من منازلهم بسبب العنف الممارس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومليشيات المستوطنين. إن التراخي والتباطؤ والعجز الدولي عن التصدي لما يجري من اعتداءات وجرائم ممنهجة من قبل مليشيات المستوطنين في الضفة الغربية، تحت ستار الدخان الكثيف للعدوان على غزة، سيدفع الأوضاع في الضفة إلى الانفجار، ما لم يتدخل المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، واطلاق عملية سياسية لمعالجة القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
1434
| 14 أبريل 2024
تنشط دولة قطر على كل المستويات دعما للجهود الاقليمية والدولية الرامية لخفض التصعيد، وذلك مع ارتفاع حدة التوتر وازدياد المخاوف من اتساع نطاق الصراع في المنطقة، في ظل التطورات الاخيرة، والتهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب على خلفية الهجوم الايراني على اسرائيل، بعد أن أثار العدوان الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ أكثر من ستة أشهر، أعمال عنف أوسع في المنطقة امتدت إلى جانبي الحدود اللبنانية الاسرائيلية، وإلى تهديد الملاحة في البحر الأحمر. وفي هذا السياق، جاءت الاتصالات التي أجراها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مع الرئيس الايراني الدكتور إبراهيم رئيسي، ومع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واستعرض سموه خلالها تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، لاسيما آخر تطورات الأوضاع في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث اكد سمو الأمير المفدى على ضرورة خفض كافة أشكال التصعيد وتجنب اتساع رقعة الصراع في المنطقة. وعلى الصعيد ذاته، جاء اتصال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، مع سعادة الدكتور حسين أمير عبداللهيان وزير الخارجية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكذلك رئاسة معاليه للاجتماع الوزاري الخليجي الاستثنائي الذي عقد قبل يومين في طشقند، حيث شدد معاليه على ضرورة العمل المشترك لخفض التصعيد في المنطقة وحل الخلافات بالطرق السلمية. إن هذه الاتصالات التي تقودها دولة قطر على أعلى المستويات، تأتي في إطار التزامها بدعم كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وإدراكها لأهمية وضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وصولا لتحقيق حل دائم ونهائي للقضية الفلسطينية بما يحقق سلاما دائما وشاملا في المنطقة.
1122
| 17 أبريل 2024