محمد غالي يكتب: إلى متى سيحكمنا هؤلاء المنافقون؟ - منبر الشروق - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 4:19 ص القاهرة القاهرة 24°

محمد غالي يكتب: إلى متى سيحكمنا هؤلاء المنافقون؟

نشر فى : الجمعة 12 أبريل 2013 - 9:10 م | آخر تحديث : الجمعة 12 أبريل 2013 - 9:10 م
محمد غالي
محمد غالي

إلى متى سيستمر هذا المسلسل من النفاق البيِن الذي لم تنتهى حلقاته بعد، ومنذ الوهلة الأولى للثورة وانقضاض هؤلاء المنافقين عليها، وهم يأتوا علينا بالاكذوبة تلو الأخرى وما خفي كان أعظم.. عهودا وأمانى وأحلام وردية التفُوا بها حول الإرادة الشعبية، وفي استغلال واضح المعالم لظروف سياسية واقتصادية بالغة في السوء من أجل الوصول إلى الحكم واستخدام السلطة فيما يحلو لهم من مخططات لإحكام قبضتهم على الدولة ومؤسساتها، لتطبيق ما يرغبوا فيه من سياسات فاسدة رجعية تخريبية، ستدفع البلاد إلى سقوط مفاجىء سياسيا واقتصاديا على المدى القريب إذا لم يتم تدارك الموقف على وجه السرعة.

 

ومازلت أكرر أن الخطأ يكمن في أننا أغفلنا مدى أهمية تشكيل مجلس رئاسي مدني وكتابة الدستور أولا، وهو العقد المبرم بين الشعب والسلطة الحاكمة بدلا من أن نأتي برئيس يحكمنا بدستوره الخاص، بالإضافة إلى عامين، وهم مدة حكم المجلس الرئاسي، وهما كافيين لتقييم مسار العمل السياسي لأي مرشح لمنصب الرئيس خلالهما، ونكون قد انتهينا من كتابة الدستور، وهذا ما نوهت به في مقال سابق وبشكل مفصل بعنوان "ماذا لو كان الدستور أولاً"، ونحن الآن نتحمل عواقب هذا الخطأ في مسار التحول السياسي نحو الدولة المدنية، مما أدى إلى سقوط السلطة في يد جمعية الإخوان المنافقين بعدة فواصل من الاحتيال السياسي، واستعلال المواطن المصرى المطحون اقتصاديا وفكريا ونفسيا،  وإرضاخه لأن يكون عبدا للمال السياسي.

 

سأوجه بعض الدلائل على نفاق هؤلاء لبعض ممن يستفزوننا بالدفاع عنهم، ويعترفون بنواياهم الحسنة وتطلعهم للإصلاح فقط لاجتذاب هؤلاء ببعض الشعارات الدينية، التي بالمناسبة قد أقر باستخدامها مجلس شوراهم لأنها هي المسلك الوحيد أو الأكثر نجاحا في تجربتهم في التأثير على أغلبية الشعب من المسلمين، مسلسل النفاق هذا لا يسعني الوقت كي أقدم لكم جميع حلقاته كاملة إما لأنه مسلسل مفتوح ليس له نهاية باستمرار هؤلاء في السلطة وعلى أنفاسنا، أو لأني لا يسعني الوقت لمزيد من البحث والتقصي لأجد المزيد من الأكذوبات والعهود التي اُخلفت، والأمانات التي أهدرت بحق الدولة والمواطن بالتبعية، بداية من اتفاقهم مع العسكر لدعمهم فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية مقابل مساندتهم للعسكر في تمرير الإعلان الدستوري في مارس بدعوة الناس للتصويت بنعم، بحجة أنها نصرة للدين وللمادة الثانية من الدستور، غير أن هذه المادة لم ولن تتغير في أي دستور جديد بحكم الأغلبية المسلمة في الدولة، ثم تأتي الانتخابات البرلمانية، ويستغل المال السياسي والوعود الزائفة لحصد أغلب المقاعد، ويساندهم المجلس العسكري ولجنته العليا المديرة للانتخابات، رغم انتهاكاتهم للقوانين المنظمة وفترة الصمت الانتخابي.

 

وتأتي الانتخابات الرئاسية على الأبواب وفي إعلان رسمي لجمعية الإخوان المنافقين أنهم لن يدفعوا بمرشح لرئاسة الجمهورية، ثم بعد ذلك نجد خيرت الشاطر مرشح أساسي، ومحمد مرسي مرشح احطياطي، وفي شىء من الحنكة السياسية تستبعد اللجنة العليا للانتخابات خيرت الشاطر لأبعاد قانونية، نظرا لأنه لم يبت بعد في إصدار المجلس العسكري عفو عام عنه، ولأنه لا يعد من أعمال السيادة وأنه بمثابة قرار إداري يجوز الطعن عليه أمام قضاء مجلس الدولة. وبعيدا عن الخوض في تفاصيل أكثر- تستغل الجماعة قدرتها على الحشد لدعم مرشحها محمد مرسي ليصل إلى مرحلة الإعادة، وباعتبار أن التجربة الديمقراطية نزيهة، ومن حسن حظ العسكر أن تتم الإعادة بين اثنين أحدهما من الجماعة وتربطهم علاقات وطيدة ودعم مشترك، والآخر امتداد للنظام السابق.

 

يفوز محمد مرسي بعد أن طبعت له الجماعة ملايين البوسترات التي تحمل مشروعا للنهضة، وملايين أخرى طبع عليها مشروع المائة يوم، وملايين أخرى أنفقت على إدارة حملة إعلانية في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، ويبدأ ولايته ليكمل مشروع الجماعة ويتم ما تبقى من اتفاقيات وترتيبات مع الجماعة الأم، بتأمين خروج العسكر من الحياة السياسية دون المحاسبة على قرابة عامين سقط فيهم شهداء قاموا بالضغط على العسكر لنقل السلطة إليه كرئيس مدني منتخب، وهو قد باعهم عيانا بيانا، ليس ذلك فحسب بل يستمر على نهج جماعته من أجل التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة، ويسعى إلى إقالة النائب العام ليأتي بنائب خاص لخدمته هو وجماعته، ثم تمرير دستور أقل ما يقال عنه إنه معيب وأفسد الحياة السياسية كما يقول البعض.

 

إنها مفارقات وضحة وجليَة، عندما ننظر إلى مشروع النهضة الذي ظهر خيرت الشاطر في حديث ينكر وجود هذا المشروع، ويقول إنه عبارة عن تصورات مبدئية ، ومشروع المائة يوم الذي تنصلت منه الحكومة هي الأخرى في أول حديث لها في وسائل الإعلام؛ حيث وضحت أنها ليست مرتبطة في خطتها بمعدل زمني محدد، بالإضافة إلى تلك السبل القذرة التي استخدمت في الاستحواذ على السلطة، آخرها محاولة توريط شيخ الأزهر في حادث تسمم طلاب المدينة الجامعية حتى يتثنى لهم الإطاحة بشيخ الأزهر بعد أن رفض مشروع الصكوك الإسلامية.

 

وإلى منحى آخر من النفاق الذي يتمثل في عدائهم لإسرائيل والإدارة الأمريكية، ثم بعد وصولهم للسلطة يتوددون لإسرائيل كما في مراسلات الرئيس الذي كان يظهر العداء الشديد للصهاينة في حديثه قبل الثورة، ومرشد الجماعة الذي استضاف في مقره بالمقطم السفيرة الأمريكية ووزيرة الخارجية السابقة (هيلارى كلينتون) والوزير الحالى (جون كيرى)، بالفعل نحن أمام عملية استنساخ للنظام السابق وفي مدى متسارع جدا، الإخوان كالحزب الوطني.. نفس المبادىء وتتبادل الأدوار، والشخصيات تنتهج نفس السياسات التي تهدد بانهيار مؤسسات الدولة.

 

لا داعي لعرض المزيد من نفاق هؤلاء، يكفي ذلك للحكم عليهم من منظوري الشخصي، أما أنتم يا من تدعموعم وتنتظرون أن يأتى الخير على أيديهم فلا طبتم ولا طاب ممشاكم. كيف لتلك العقول التي قبعت في السجون لسنوات عدة، ناهيك عن إن كانوا مظلومين أم لا- أن تستوعب شيئاً عن إدارة دولة بحجم مصر؟ كيف لتلك العقول التي تربت على السمع والطاعة والولاء لجماعة المنافقين أن تبتكر وتطور نظام سياسي بحجم النظام السياسي المصري؟ وعواقب ذلك ما ترونه الآن من تردي الأوضاع على صعيدي السياسة (الداخلية-الخارجية) والاقتصاد الكلي والجزئي.

 

يا من رفعتم شعار "الإسلام هو الحل".. أين أنتم من الإسلام؟! اليوم الإسلام برىء منكم ومن أفعالكم. إلى من سينسب فشلكم وخيانتكم لوعودكم؟ أنتم المنافقون حقا، والنص بيِن حيث قال تعالى: (يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين) (62 سورة التوبة)، وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا اؤتمن خان )، أيها الإخوان المنافقون.. حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، واستقيموا يرحمكم الله.

شارك بتعليقك