الحسبة تبيع السكان بعضاً من حرياتهم الشخصية مقابل غرامات مالية(أرشيف)
الحسبة تبيع السكان بعضاً من حرياتهم الشخصية مقابل غرامات مالية(أرشيف)
الثلاثاء 10 فبراير 2015 / 14:17

داعش يتخلى عن تشدده في تطبيق العقوبات مقابل المال

أصبح الحصار المالي والاقتصادي والطوق المضروب على داعش، حقيقةً ضاغطة على التنظيم في ظل التضييق على مصادر تمويله، ما دفع به إلى محاولة التعويض عن التدفق الخارجي، بالتركيز على مصادر التمويل الداخلي، من المناطق الخاضعة لسيطرته مثل الرقة السورية التي تعتبر عاصمة نفوذه الأولى، حسب ما أورد ناشطون سوريون، في المناطق التي يحتلها.

وأفادت صفحة "الرقة تُذبح في صمت" مثلاً، أن دور ونفوذ الشرطة الدينية "الحسبة" أو كا بوس اليقظة الذي يطارد سكان المدينة المحتلة، في تزايد مثير، بعد تحييد دار الزكاة، التي أقامها التنظيم، لجباية الأموال وتحصيل الضرائب الشرعية، بعد أن انتزعت الحسبة هذا الدور لتحتكر مهمة تسليط الضرائب والغرامات في محاولة للحصول على أقصى ما يمكن من سيولة، مع التغاضي عن الأحكام القاسية التي كانت تفرضها في السابق.

الغرامات بدل العقوبات
ويبدو أن نقص التمويل جعل الحسبة تنصرف عن التشدد السابق الذي كانت تمارسه سابقاً عند مراقبة الالتزام بالملابس مثلاً والتدخين وأداء الصلاة وإغلاق المحلات التجارية عند إقامة أذان الصلاة، وغيرها من المسائل التي كانت في غاية التشدد عند مراقبتها، بتسليط عقوبات مختلفة تبدأ بالجلد وتنتهي بالصلب والقتل.

ولا يُعرف إذا كان دور الحسبة الجديد، بتوجيه من قيادة التنظيم، أم أنه مبادرة فردية، في محاولة من أعضائه لتجاوز المشاكل المالية التي يتخبطون فيها، من ذلك أن تحصيل الغرامات وفق ناشطين سوريين في الرقة، خاضع "لتقدير المسؤول المحلي، واجتهاده الشخصي، وعدم الالتزام بمبلغ أو نسبة أو قيمة معينة".

وفي هذا الإطارتنقل "الرقة تذبح في صمت" عن أحد التجار في الرقة، أن:" رجال الحسبة في المنطقة تخلوا عن تشددهم السابق ولم يعودوا يفرضون عليه إغلاق المحل وقت الصلاة، ولكنهم في المقابل يحصلون على غرامة بألف ليرة، ما يعادل 5 دولارات".

سرقة وانشقاق
وقدرت مصادر الحصيلة التي يجبيها التنظيم من هذه السياسة الجديدة، بحوالي 6 ملايين دولار، في الرقة وحدها.

ولكن هذه الموارد لا تسد احتياجات التنظيم المختلفة، بسبب محدوديتها ولكن أيضاً بسبب الخيانة والسرقة التي يعانيها من قبل المسؤولين الذين تغريهم هذه الأموال.

فالتنظيم المرتبط بشكل وثيق بالخارج، يعمل على تحويل المبالغ التي يحصلها إلى الخارج، بطرق مختلفة، وهو ما يقوم به مسؤولون ماليون، قبل الانشقاق والاختفاء عن الأنضار مثل، أبو عبيدة المصري الذي سطا على ما يعادل مليار ليرة، أو 5 ملايين دولار، وقبله أبو طلحة الكويتي الذي هرب إلى تركيا بعد أن نجح في الحصول على 1 مليون دولار.

ولكن إذا كانت الندرة في الأموال والسرقة والخيانة، مشكلة داعش، فإنها تحولت إلى نعمة في نظر سكان الرقة مثلاً، الذين يشترون بعضاً من حريتهم الشخصية بما يمكنهم دفعه للتنظيم لتفادي تشدده.