تخطي إلى المحتوى الرئيسي
تونس

محاكمة سببها بيضة رشقت على وزير تؤجج الجدل حول حرية التعبير والإعلام في تونس

يمثل اليوم الخميس المخرج التونسي نصر الدين السهيلي الذي رشق وزير الثقافة مهدي مبروك ببيضة أمام القضاء، إلى جانب المصور الصحافي مراد المحرزي الذي صور الحادثة. ويواجه الرجلان عقوبة بالسجن تصل إلى سبع سنوات في قضية تساهم في تأجيج الجدال القائم حول حرية التعبير والصحافة.

أ ف ب
إعلان

وزير الثقافة التونسي حول حرية الإبداع "الله والنبي محمد خطان أحمران"

يمثل اليوم الخميس المخرج التونسي نصر الدين السهيلي الذي رشق وزير الثقافة ببيضة أمام القضاء، إلى جانب المصور الصحافي مراد المحرزي الذي صور الحادثة. ويواجه الرجلان عقوبة بالسجن تصل إلى سبع سنوات نافذة بتهم "التآمر لتدبير وارتكاب اعتداء على موظف عمومي والتشهير والنيل من الآداب العامة وإهانة الغير".

رشق وزير تونسي ببيضة: إسقاط الدعوى القضائية ضد مصور الحادثة - أ ف ب 05/9/2013

أسقط وزير الثقافة التونسي مهدي مبروك دعوى قضائية ضد المصور مراد المحرزي الذي صور حادثة رشقه ببيضة.

وقال مبروك كورشيد محامي الوزير إن الاخير "سحب شكوى ضد مراد المحرزي الذي كان يقوم بعمله" كمصور لموقع "اسطرلاب تي في" التونسي.

وأضاف أن مهدي مبروك "على استعداد" لسحب الدعوى القضائية ضد المخرج نصر الدين السهيلي الذي رشقه بالبيضة شرط أن "يقدم (المخرج) اعتذارا" إلى الوزير.

وعند مثوله أمام القاضي، اعترف السهيلي برشق الوزير ببيضة، لكنه نفى ان يكون مراد المحرزي تواطأ معه لتصوير الحادثة.

وقال مراد المحرزي "أنا مصور، وقد قمت بعملي خلال ذلك اليوم".

لكن شاهدا قال انه استمع الى السهيلي والمحرزي يتآمران قبل رشق الوزير بالبيضة.

أ ف ب

ورشق السهيلي وزير الثقافة ببيضة يوم 16 آب/أغسطس الماضي خلال لقاء أقيم في الفضاء الثقافي "ابن خلدون" بالعاصمة بمناسبة مرور 40 يوما على وفاة الممثل التونسي عزوز شناوي. واعتبر العديد أن ما فعله السهيلي حركة احتجاجية رائجة في بلدان ديمقراطية عديدة حيث ترشق رموز السلطة بالبيض أو زجاجات المرطبات، ويرجح أنها كانت ردة فعل على تقصير وزارة الثقافة في مساندة عائلة الممثل الراحل خلال فترة مرضه رغم النداء الذي وجهته لها عائلته.

ومراد المحرزي مصور صحافي يعمل في قناة "اسطرلاب" التي تبث على الإنترنت، ونشر المحرزي مقطع فيديو عن الحادثة على الشبكة العنكبوتية. والمحرزي مساعد الكاتب العام لنقابة التقنيين السينمائيين. وارتفعت عدة أصوات من جمعيات حقوقية ونقابات وشخصيات من عالم الفن والسينما والمسرح والصحافة للتنديد بهذه الاعتقالات.

واعتبر اعتقال المحرزي اعتباطيا حيث لم يشكل تصويره للحادثة سوى أداء لعمله ولا علاقة للتصوير بالعنف، ورأت عديد الأطراف في هذا الاعتقال مسا بحرية التعبير والديمقراطية. فدعت منظمتا "مراسلون بلا حدود" و"هيومن رايتس ووتش" إلى الإفراج عنه كونه كان يقوم بعمله كمصور

وتضامنا مع السهيلي والمحرزي، دخل ممثل قناة "اسطرلاب" أحمد أمين بن سعد في إضراب عن الطعام منذ 16 يوما وتدهورت صحته فأغمي عليه الخميس خلال الوقفة الاحتجاجية أمام اقصر العدالة في العاصمة. وأطلقت عدة تحركات احتجاجية لمساندتهما على غرار غرافيتي لمجموعة "زواولة"، وفيديو "جائعون للحرية" الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهر فيه وجوه إعلامية وفنية وناشطون من "شباب الثورة" يقولون فيه "طردت بن علي أخرجتك من السجن وأعدتك من المنفى فجرمت فني وألقيت بيي في السجن".

ويبدو أن رسالتهم موجهة إلى قياديي وأعضاء حركة النهضة الإسلامية الذين قبعوا في السجون وعاشوا في المنفى في زمن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ثم أفرج عنهم وعادوا من منافيهم بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 وهم اليوم يقودون الحكومة التونسية.

الحكومة متهمة ببسط نفوذها والتدخل في المؤسسات الإعلامية

وكتب اليوم الخميس الفاهم بوكدوس، منسق وحدة رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام التونسي في مركز تونس لحريّة الصحافة، على صفحته الخاصة على الفيس بوك "الحدث الأهم اليوم في تونس هو محاكمة نصر الدين السهيلي ومراد المحرزي والتي يجب أن تتحول الى محاكمة لنظام يريد أن يعوض فشله بقضم الحريات الإعلامية، وإلى مساءلة لوزير الثقافة الذي تصور أن بعض الإرث النضالي تحت ديكتاتورية بن علي يمكن أن يمسح تورطه في هجوم خطير على حرية التعبير في تونس".

أما وزارة الثقافة فدعت إثر حادثة رشق مهدي مبروك بالبيض "كل الأطراف السياسية والنخبة الثقافية والهياكل المهنية والنقابية الممثلة لمختلف القطاعات الثقافية إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والتاريخية إزاء تنامي العنف اللفظي والمادي ضد السيد وزير الثقافة خلال الفترة الأخيرة في سياق حملات الشحن السياسي والأيديولوجي التي تشهدها البلاد".

وتتهم المعارضة الحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية بانتهاك حرية التعبير في تونس وهي اتهامات تنفيها الحركة باستمرار. وتوالت في تونس سلسلة من الأحداث التي هزت الرأي العام بعد الثورة واعتبرها العديد انتهاكا لحرية التعبير والإبداع ونذكر منها هجوم سلفيين على معرض فني في فضاء "العبدلية" في إحدى ضواحي العاصمة، ومهاجمة قاعة سينما "أفريكار" في العاصمة خلال عرض فيلم تونسي، والاحتجاجات العنيفة أمام مقر قناة نسمة في ضواحي تونس بعد عرض فيلم إيراني، واعتقال الشاب جابر الماجري بعد رسم كاريكاتوري، ورشق مسرحيين بالبيض أمام المسرح البلدي في العاصمة، واعتقال مغنيي راب، وغيرها من الأحداث التي جرت باسم الدفاع عن القيم والتقاليد والإسلام.

ويسير المشهد اليوم نحو التصعيد في تونس بعد الحرية النسبية التي عرفتها البلاد في فترة أولى بعد الثورة. ففي الفترة الأخيرة، قرّرت فرقة مقاومة الإجرام بالقوانين الاستماع إلى مدير قناة "الحوار التونسي" الطاهر بن حسين في قضية الدعوة للعصيان عبر وسيلة إعلامية. وبعد استقالته من قناة نسمة دخل الصحافي سفيان بن فرحات أمس في إضراب عن الطعام بسبب إقالته من إذاعة "شمس أف. أم." بصفة تعسفية حسب رأيه بعد أن دار شجار على الهواء بينه وبين ضيفه واتهمه بن فرحات بأنه عين في مسؤولا في إحدى الشركات العامة الكبرى على أساس الولاء لحزب النهضة وليس على أساس الكفاءة. واستنكرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للثقافة والإعلام هذه الإقالة منددة بـ " الممارسات التي من شأنها ترهيب الإعلاميين وتكميم الأفواه وضرب حرية التعبير والصحافة والإبداع" وأكدت الانطلاق" في حملة وطنية ودولية تتزامن مع حراك نقابي لفضح هذه الممارسات الفاشية".

وشهدت الإذاعات العامة إضرابا هذا الأسبوع بعد تعيينات لمدراء إذاعات من قبل رئيس الحكومة. فأكد ناصر الزغلامي المدير السابق لإذاعة تطاوين لفرانس 24 إن المرحلة الانتقالية تقتضي من أجل السير في طريق الديمقراطية إصلاح القطاع الإعلامي "ولكن ما يحدث اليوم بعيد كل البعد عن الإصلاح فهذه التعيينات وكثير من التدخلات تسعى إلى التدجين والعودة إلى المربع الأول قبل الثورة".

وحذرت من جانبها نجيبة الحمروني رئيسة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في تصريح لفرانس 24 من التهديدات التي تحدق بحرية الصحافة واستقلالية الإعلام من "تعيينات حسب ولاءات سياسية وحزبية، وتحالف سياسي مالي فهناك رجال أعمال يشترون مؤسسات إعلامية وأصحاب مؤسسات إعلامية يكونون أحزابا سياسية".

وتعلق الساحة الفنية والإعلامية والحقوقية اليوم في تونس أنظارها على محاكمة السهيلي والمحرزي، تقف فيها بيضة على كفة والتساؤلات والمخاوف حول المستقبل السياسي للبلاد على كفة أخرى.

مها بن عبد العظيم

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.