الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 79 - 80 ] ( فصل في الكفارة )

قال ( كفارة اليمين عتق رقبة يجزي فيها ما يجزي في الظهار وإن شاء كسا عشرة مساكين كل واحد ثوبا فما زاد ، وأدناه ما يجوز فيه الصلاة وإن شاء أطعم عشرة مساكين كالإطعام في كفارة الظهار ) [ ص: 81 ] والأصل فيه قوله تعالى { فكفارته إطعام عشرة مساكين } الآية ، وكلمة أو للتخير فكان الواجب أحد الأشياء الثلاثة .

التالي السابق


( فصل في الكفارة )

الكفارة فعالة من الكفر وهو الستر وبه سمي الليل كافرا قال :

في ليلة كفر النجوم غمامها

وتكفر بثوبه اشتمل به وإضافتها إلى اليمين في قولنا كفارة اليمين إضافة إلى الشرط مجازا . وعند الشافعي إضافة إلى السبب فاليمين هو السبب وسيذكر المصنف المسألة ( قوله كفارة اليمين عتق رقبة ) أي إعتاقها لا نفس العتق ، فإنه لو ورث من يعتق عليه فنوى عن الكفارة لا يجوز ( ويجزي فيها ما يجزي في الظهار ) وتقدم المجزئ في الظهار من أنها المسلمة والكافرة والذكر والأنثى والصغيرة ، ولا يجزئ فائت جنس المنفعة ، بخلاف غيره فتجزي العوراء لا العمياء ومقطوع إحدى اليدين وإحدى الرجلين من خلاف ، ولا يجوز مقطوعهما من جهة واحدة ولا مقطوع اليدين والرجلين ، وفي الأصم اختلاف الرواية .

والأصح أنه إذا كان بحيث إذا صيح عليه يسمع جاز ، ولا يجوز المجنون الذي لا يفيق ، وفيمن يفيق ويجن يجوز ، ولا المدبرة وأم الولد لأنهما لاستحقاقهما الحرية نقص الرق فيهما ، بخلاف المكاتب الذي لم يؤد شيئا يجوز ، بخلاف الذي أدى بعض شيء لأنه كالمعتوق بعوض ( وإن شاء كسا عشرة مساكين كل واحد ثوبا فما زاد ) يعني إن كسا ثوبين أو ثلاثة فهو أفضل ( وأدناه ما يجوز فيه الصلاة ، وإن شاء أطعم عشرة مساكين ) كالإطعام في كفارة الظهار وهي نصف صاع من بر أو صاع من تمر [ ص: 81 ] أو شعير ذكره الكرخي بإسناده إلى عمر رضي الله عنه قال : صاع من تمر أو شعير ونصفه من بر .

وبإسناده إلى علي رضي الله عنه قال : كفارة اليمين نصف صاع من حنطة . وبسنده إلى الحسن رضي الله عنه قال : يغديهم ويعشيهم . وبإسناده إلى مجاهد قال : كل كفارة في القرآن نصف صاع من بر لكل مسكين . ولو غداهم وعشاهم وفيهم فطيم أو فوقه سنا لم يجز عن إطعام مسكين ، ويجوز أن يغديهم ويعشيهم بخبز إلا أنه إن كان برا لا يشترط الإدام ، وإن كان غيره فبإدام .

ويجوز في الإطعام كل من التمليك والإباحة وتقدم ( والأصل فيه قوله تعالى { فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة } وكلمة أو للتخيير فكان الواجب أحد الأشياء الثلاثة ) وللعبد الخيار في تعيين أيها شاء . ويتعين الواجب عينا بفعل العبد والمسألة طويلة في الأصول ، ودخل فيمن لم يقدر على العتق والكسوة والإطعام العبد لا يكون كفارة يمينه إلا بالصوم . ولو أعتق عنه مولاه أو أطعم أو كسا لا يجزيه وكذا المكاتب والمستسعى ، ولو صام العبد فيعتق قبل أن يفرغ ولو بساعة فأصاب مالا وجب عليه استئناف الكفارة بالمال .




الخدمات العلمية