نائب الخدمات ينجح دائماً.. 26.3 % من المجتمع تحت خط الفقر.. يحتاجون لقرارات العلاج على نفقة الدولة ويحلمون بوظائف لأبنائهم ولا يهتمون بحملة «لا للأحزاب الدينية»

السبت، 12 سبتمبر 2015 11:02 م
نائب الخدمات ينجح دائماً.. 26.3 % من المجتمع تحت خط الفقر.. يحتاجون لقرارات العلاج على نفقة الدولة ويحلمون بوظائف لأبنائهم ولا يهتمون بحملة «لا للأحزاب الدينية» انتخابات أرشيفية
تحليل تكتبه: سهام الباشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


لكل السياسيين والمثقفين الذين يرون أن نائب الخدمات موضة وانتهت.. الرجل البسيط بائع الفاكهة لا يتفق معكم فيما ترون، فهو لا يزال يحلم بمن يوفر وظيفة محترمة لابنه، ووقتها لن يمنحه صوته الانتخابى فقط بل أصوات جميع أفراد أسرته.

نائب الخدمات نموذج ليس موجودًا داخل المجتمع فقط، بل لا يزال محفورا داخل عقول المواطنين البسطاء، ولن يغيب عن أذهانهم، وأكثر ما أخشاه أن يكون النفى القاطع بعودة هذه المواصفات البرلمانية إلى الساحة مرة أخرى، أن يكون قائمًا على ما يتم تداوله على صفحات الفيس بوك.

الحديث مع الفقراء والبسطاء يختلف كثيرًا عن الحديث مع فئة المثقفين، وأولئك الذين يجلسون أمام شاشات الإنترنت، ويطلقون من خلالها آراؤهم السياسية التى لم نطلبها منهم، ويدعون العلم والمعرفة بكل ما جرى وما سيجرى.. يظلون يحللون ويربطون الخيوط ببعضها من أجل نسج مجموعة من الأفكار الافتراضية التى لا علاقة لها بالواقع، والتى يجزم فيها البعض بأن الناخب أصبح لديه من الوعى ما يكفيه لكى لا يختار نائب الخدمات.

على عكس الحقيقة فالوعى السياسى يأتى فى المرتبة الثانية، بل والثالثة فى قائمة أولويات فئة كبيرة من المواطنين الفقراء الذين تصل نسبتهم إلى 26.3? وفقًا لآخر تقرير صادر من الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، صادر عام 2012/2013، وهو ما يعنى أن أكثر من ربع المصريين دون خط الفقر، دون خط الحياة الطبيعية فهذا الفقير الذى لم يجد كوبا من الشاى ولا لقمة العيش ولا ذاق حلاوة برد التكييف فى عز الحر، لديه من الوعى ما يجعله يفضل مصلحته الخاصة على أى مصالح عامة أخرى، ورغمًا عن الجميع سيدخل البرلمان نواب العائلات فلولًا كانوا أم إخوانًا أو حتى متعاطفين.

بالأمس سألت عدد من المواطنين من باعة وعمال بسطاء نفس السؤال المعتاد فى كل دورة برلمانية: ما مطالبكم من نواب مجلس الشعب المقبل؟، للعلم هو نفس السؤال الذى سألته فى الانتخابات البرلمانية عام 2010.. توقعت أن الإجابة قد تختلف ولو لبعض الشىء عما سمعته منذ خمسة أعوام، لكن يبدو أن ساعة الزمن توقفت منذ ذلك الوقت، الإجابات واحدة لم تتغير.. الآهات نفسها، غلاء الأسعار، البلدية ومطاردتها لهم، حلم الوظيفة والبطالة، رائحة العرق التى لا يستطيعون التخلص منها بسبب لقمة العيش.. نفس الأجواء، بنفس التفاصيل. جميع الفقراء أيضًا لا يزالون يحلمون بأسعار منخفضة ومعيشة كريمة، وجميعهم لا يفرقون بين نائب خدمات أو قروض أو نائب بحصانة أو بلاحصانة.. بشَرطة أو من غير شرطة.

لا يستطيع هؤلاء أن يدركوا أن دور النائب البرلمانى هو التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والموازنة العامة، والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية فقط، وفقًا لما أقره الدستور المصرى، ويظل عضو مجلس الشعب بالنسبة لهم هو الأمل الذى يتعلقون به لحل مشاكلهم التى من المفترض أن تكون مسؤولية من هم فى السلطة التنفيذية، ولعل ما قضت به محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ برئاسة المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، يجسد حقيقة الوضع، حيث جاء فى حيثيات الحكم أن «تعطيل الحكومة لحق الفقراء الدستورى وغير القادرين فى العلاج المجانى مهانة إنسانية، ويخلق لدى المريض الفقير الشعور بالاغتراب فى وطنه، وهو أسوأ أنواع القهر مما يضعف رابطة الولاء السياسى والانتماء بين المواطن ووطنه، كما أن الإمعان فى تعطيل العلاج لهم هو استخدام الفقر لإذلال الروح، مما يضاعف من مرضهم وآلامهم وهو أيضًا أسوأ أنواع قهر الإنسان لأخيه الإنسان».

ذلك التعطيل جعل نائب البرلمان هو الخلاص من هذه المعاناة التى يتعرض لها الكثيرون، وهو الواقع الذى تعكسه إحدى الحالات المرضية التى كتبت عنها من قبل، وهى حالة محمد عماد، مريض التصلب المتعدد، الذى لم يستطع الحصول على العلاج المناسب له من جانب الدولة نظرًا لارتفاع سعر الحقنة التى يحتاج إليها، والتى تصل إلى 23 ألف جنيه شهريًا لمدة عامين، فكانت أول كلمات والدته ورسالتها التى وجهتها لنائب الدائرة القادم فى منطقة شبرا الخيمة هو أن يطالب الدولة بتوفير الدواء الذى يحتاج إليه ابنها، بعد أن رفضت وزارة الصحة علاجه، نظرًا لارتفاع ثمن الحقن.

فلا أحد يتعجب عندما يسمع عن قيام حزب النور بتوزيع 50 ألف عبوة من عقار «سوفالدى» المعالج لفيروس «سى» مجانًا على المواطنين فى محافظة الإسكندرية كنوع من الدعاية الانتخابية، حسبما يؤكد المركز المصرى للحق فى الدواء.

وإلى أن ينتهى عصر نواب الخدمات، علينا أن نسأل: أين هى المجالس المتخصصة ومكاتب خدمات المواطنين؟، ولماذا لا تعمل أغلب أقسام الطوارئ فى المستشفيات؟، لماذا لا تنتهى القمامة من الشوارع؟، لماذا لا تنخفض الأسعار لماذا لا تعود المحليات مرة أخرى؟

الإجابة عن هذه التساؤلات تقودنا إلى ضرورة أن تعمل كل مؤسسات الدولة فى خدمة المواطن، وتمنحه حقوقه فى العلاج والتعليم، وقبلها فى حياة كريمة، حتى يتفرغ بعد ذلك لكيفية الانضمام لحملة «لا للأحزاب الدينية»، ولتكون لديه القدرة على اختيار نواب لا هم لهم سوى مناقشة قانون تنظيم المظاهرات، وقانون تداول المعلومات والرقابة على من يقصرون فى حق هذا المواطن.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة