الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ } إن كان المنادي أهل الكتاب، فالمعنى: آمنوا بالتوراة والانجيل ادخلوا.

{ فِي ٱلسِّلْمِ } في الشرائع الاسلام. وفسر السلم: بالاسلام. وإن كان المنادى المسلمين فالمعنى: يا من آمن بقلبه وصدق ادخلوا في شرائع الاسلام والايمان وأجمعوا إلى الإِيمان الإِسلام، وهو ما فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام إذ قد فرق عليه السلام بين الحقيقتين. وقرىء بفتح السين وكسرها وانتصب.

{ كَآفَّةً } على الحال. وذو الحال ضمير ادخلوا وكافة مما التزام نصبه على الحال نحو: قاطبة، ومعناه: جميعاً. (قال) الزمخشري: ويجوز أن يكون حالاً من السلم أي في شرائع الاسلام كلها أمروا بأن لا يدخلوا في طاعة دون طاعة. وقال ما نصه: ويجوز أن تكون كافة حالا من السلم لأنها تؤنث كما تؤنث الحرب قال: السلم يأخذ منها ما رضيت به، والحرب يكفيك من أنفاسها جرع. على أن المؤمنين أمروا بأن يدخلوا في الطاعات كلها وان لا يدخلوا في طاعة دون طاعة أو في شعب الاسلام وشرائعه كلها وأن لا يخلّوا بشيء منها. وعن عبد الله بن سلام انه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم على السبت وأن يقرأ من التوراة في صلاته من الليل فلم يأذن له. وكافة: من الكف كأنهم كفوا أن يخرج منهم أحد. " انتهى ".

وتعليله جواز أن تكون كافة حالاً من السلم. بقوله: لأنها تؤنث كما تؤنث الحرب ليس بشيء، لأن التاء في كافة وإن كان أصلها للتأنيث ليست فيها إذا كانت حالاً للتأنيث بل صار هذا نقلاً محضاً إلى معنى جميع وكل كما أو قاطبة أو عامة فلا يدل شيء من هذه الألفاظ على التأنيث كما لا يدل عليه كل ولا جميع، وتوكيده بقوله: أو في شعب الاسلام وشرائعه كلها هو الوجه الأول من قوله: بأن يدخلوا في الطاعات كلها فلا حاجة إلى هذا الترديد. (قال) ابن عطية: وقالت فرقة جميع المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى: أمرهم بالثبوت فيه والزيادة من التزام حدوده فتستغرق كافة حينئذٍ المؤمنين وجميع أجزاء الشرع فيكون الحال من شيئين، وذلك جائز نحو قوله تعالى:فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ } [مريم: 27]. إلى غير ذلك من الأمثلة، ثم قال بعد كلام ذكره وكافة معناه: جميعاً، والمراد بالكافة: الجماعة التي تكف مخالفيها. " انتهى ". وقوله: فيكون الحال من شيئين، يعني من الفاعل في ادخلوا، ومن السلم وهذا الذي ذكره محتمل ولكن الأظهر أنه حال من الضمير الفاعل وذلك جائز يعني: مجيء الحال الواحد من شيئين. وفي ذلك تفصيل مذكور في النحو.

السابقالتالي
2