السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

قصة تمويل "الدعوة السلفية" من طارق طلعت مصطفى إلى أثرياء الكويت

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 ترك نظام حسنى مبارك الساحة أمام التيار السلفى.. اعتقد بأنه ما دام ابتعد السلفيون عن السياسة فلا خطر من ورائهم، استغل السلفيون - وهنا نقصد الدعوة السلفية على وجه التحديد- هذه المساحة للتمدد فى ربوع البلاد، اعتمادًا على قدرات تمويلية واسعة -مجهولة المصدر- مكنتهم من الانتشار فى جميع المحافظات، ومع غياب الرقابة الحكومية توسع نفوذ السلفيين أكثر، وتحولوا إلى "وحش" نما فى غفلة من الجميع.

ساد اعتقاد بوقوف جهات خليجية وراء تمويل الجمعيات السلفية، وجاء تقرير للجنة تقصى الحقائق التى شكلتها حكومة عصام شرف للتقصى حول التمويل الخارجى للجمعيات الأهلية، ليكشف عن وجود تمويلات من دولة قطر للجمعيات السلفية مقدمة من مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثان بنحو 181 مليون جنيه لصالح جمعية "أنصار السنة المحمدية"، إضافة إلى حصول ذات الجمعية على تمويل من جمعية "إحياء التراث الإسلامى" بالكويت بنحو 114 مليون جنيه.

تمويل الجمعيات السلفية مثل "أنصار السنة المحمدية" و"الجمعية الشرعية" قتل بحثًا، ولكن غاب الحديث بشكل مفصل عن الامبراطورية المالية لـ"الدعوة السلفية"، رغم كونها – واقعيًا- أكبر جمعية سلفية فى مصر، مع النظر إلى كونها فاعلًا رئيسيًّا فى الحياة السياسية بعد ثورة 25 يناير.

فى طريق بحثنا عن مصادر تمويل "الدعوة السلفية" وقعت بين أيدينا مجموعة مقالات مهمة "غير منتشرة" كتبها الباحث إسلام مهدى بعنوان "مَن يدفع للدعوة السلفية ثمن الخيانة؟"، ميزة هذه المقالات أنها تحدثت عن وقائع بعينها، كشفت مصادر واضحة لتمويل أنشطة الدعوة، استفدنا بما ورد من معلومات فى هذه المقالات، إضافة إلى ما توصلنا إليه حول مصادر التمويل.

بداية الخيط من عند رجل الأعمال طارق طلعت مصطفى.. معلوم لدى الجميع دعم حزب "النور" للرجل فى الانتخابات البرلمانية الماضية فى مواجهة المرشح المحسوب على جماعة "الإخوان" المستشار محمود الخضيرى، ولم يكن دعم "النور" لرجل الأعمال مجرد "مكايدة" من الدعوة السلفية فى مواجهة "الإخوان" بعد دور الجماعة فى إسقاط "متحدث الدعوة" عبد المنعم الشحات، فى دائرة أول منتزه، وإنما العلاقة بين الطرفين أكبر كما يبدو.

يقول مهدى: "فروع معهد الفرقان لإعداد الدعاة (أزهر الدعوة السلفية) تم إنشاؤها بأموال طارق طلعت مصطفى، وإذا كانت بعض الفروع فى المحافظات حصلت على تبرعات من عامة الناس فإن المقر الرئيسى فى مسجد نور الإسلام بمنطقة باكوس فى الإسكندرية هو من أموال آل طلعت مصطفى، مشيرًا إلى وجود علاقة "صداقة قوية" بين أحمد حطيبة، أحد مؤسسى "الدعوة السلفية" وطارق طلعت مصطفى، وأن الأول حصل على تبرعات بالملايين من الأخير، بحسب مهدى.

المعلومات الواردة فى هذه الشأن يمكن أن تكون "غير دقيقة" فى بعض جوانبها، نضعها هنا فقد يحب طارق طلعت أن يرد على هذه المعلومات، ويوضح حقيقة تمويله أنشطة تابعة لـ"الدعوة السلفية".

أما عن التمويل الخليجى لـ"الدعوة السلفية"، يمكن أن تعتبر أن اليد الكويتية -غير الرسمية بالطبع– هى الأساس فى التمويل، ولنعد إلى الوراء قليلًا، ففى عام 1994 ألقت الأجهزة الأمنية القبض على قيم (رئيس) الدعوة السلفية محمد عبد الفتاح ومعه مسئول نشاط الطلائع مصطفى دياب، بسبب تلقيهم شيكًا من أمير كويتى يمثل ثلث ثروته أوصى بها للدعوة السلفية، وبعد حبسهم لفترة جرى الإفراج عنهم بوساطة من الأمير ذاته.

استمر دعم بعض الجمعيات الكويتية فى التدفق على "الدعوة السلفية" بعد ثورة 25 يناير، وبخاصة التبرعات الواردة من جمعية "إحياء التراث الإسلامى"، ولعب عبدالرحمن عبدالخالق، وهو سلفى كويتى من أصول مصرية، وأحد القيادات السلفية الكبيرة والمؤثرة فى العالم العربى، دور "العراب" فى عملية التمويل.

خيط ثالث.. سعيد حماد.. اسم مجهول لقيادى فى "الدعوة السلفية"، لعب دورًا كبيرًا فى عملية التمويل، كان وكيلًا لوزارة الاتصالات فى بداية الألفية وقيادى فى الدعوة أيضًا، أما الدور فهو العمل على إرساء مناقصات برامج تدريب شباب الخريجين (منحة الاتصالات) على الشركة الخاصة بعبد المنعم الشحات.

وقد نجح "حماد" بالفعل فى إرساء جانب كبير من هذه المناقصات على شركة "الشحات"، ولم تقتصر استفادة "الدعوة السلفية" على الناحية المادية فقط، وإنما امتدت إلى تدريب الكثيرين من أبنائها الذين صاروا كوادر فى الحزب.

جانب آخر استغلته "الدعوة السلفية" فى تحصيل ملايين الجنيهات، إنها "أموال الإغاثة" التى جمعتها تحت ستار "نصرة إخواننا فى غزة وسوريا وليبيا والصومال" وغيرها.

البداية من غزة حينما كانت "سبوبة" قادرة على تحريك جيوب الأغنياء، فقد جمعت الدعوة تبرعات على مدار سنوات طويلة بالتنسيق مع فرعها فى غزة "جمعية بن باز"، ولا أحد يعلم إلى الآن كم تبلغ قيمة الأموال التى جمعتها الدعوة السلفية لأجل غزة؟! وهل تعرضت لـ"السمسرة" فى الإسكندرية قبل وصولها إلى غزة؟!

واقعة أخرى تتعلق بجمع التبرعات للصومال، ترددت أنباء مؤكدة عن استيلاء مندوب الدعوة السلفية على مبالغ مالية ضخمة من التبرعات، وادعى أنها سلمها للمنكوبين هناك، ونفس الأمر بالنسبة إلى سوريا، فقد جمعت الملايين تحت ستار إغاثة الشعب السورى، ولا أحد يعلم أيضا مصير هذه الأموال.

حاولت "الدعوة السلفية" التعلم من تجربة الإخوان فى تأسيس كيانات اقتصادية تابعة لها، فدشنت فى أكتوبر من العام 2012 مؤسسة "بيت الأعمال"، وهى كيان اقتصادى مرجعيته الأولى متمثلة فى "الدعوة السلفيّة"، وبمثابة "ذراع اقتصادية" لها.

اتخذت المؤسسة من منطقة زيزينيا فى الإسكندرية مقرًا رئيسيًا لها، على أن يرأس مجلس أمنائها محمد عبدالفتاح، الرئيس العام للدعوة السلفية بعضوية 9 رجال أعمال، ومنهم: بسام الزرقا، نائب رئيس مجلس الأمناء نائب رئيس حزب النور، وحسام صالح، ووليد السيد، ومحمد سعيد، وإيهاب عبد الجليل، وإبراهيم رجب، ومحمد سباخى، ومحمد النجار.

هذه المؤسسة تعد "ستارا" لإخفاء أموال "الدعوة السلفية"، ومحاولة للهروب من السؤال حول مصادر التمويل، فقد جرى الدفع بمبالغ مالية كبيرة داخل هذه المؤسسة وأعيد تدويرها مرة أخرى لتخرج "نظيفة" فى عملية أشبه بـ"غسيل الأموال".