الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

القراءة: قرأ أهل الحجاز والكسائي { في السلم كافة } بفتح السين والباقون بكسرها. الحجة: قال الأخفش السلم بكسر السين الصلح وفيه ثلاث لغات السِّلْم السَّلْم السَّلَم وأنشد:
أنائِلُ إنّني سلْـــــمٌ   لأهْلِكَ فَاقْبَلي سلْمِي
قال أبو عبيدة السلم بكسر السين والإسلام واحد وهو في موضع آخر المسالمة والصلح والسلم الاستسلام ومنه قولـه تعالى:ورجلاً سَلَماً لرجل } [الزمر: 29] أي مستسلماً لـه منقاداً لما يريده منه فيكون مصدراً وصف به ويحتمل أيضاً أن يكون فَعَلا بمعنى فاعل مثل بطل وحسن ونظيره يابس ويَبَس وواسط ووَسَط. اللغة: { كافة } معناه جميعاً واشتقاقه في اللغة مما يكف الشيء في آخره ومن ذلك كفة القميص لحاشيته لأنها تمنعه من أن ينتشر وكل مستطيل فحرفه كفة ويقال في كل مستدير كفة نحو كفة الميزان واستكف السائل وتكفف إذا بسط كفَّه للسؤال وكل شيء جمعته فقد كففته واستكف القوم بالشيء إذا أحدقوا به. الإعراب: كافة منصوب على الحال من الواو في ادخلوا وقيل هو حال من السلم ولكم يتعلق بمحذوف فهو في موضع نصب على الحال من عدوّ. المعنى: لما قدم تعالى ذكر الفرق الثلاث من العباد دعا جميعهم إلى الطاعة والانقياد فقال { يا أيها الذين آمنوا } أي صَدّقوا الله ورسولـه { ادخلوا في السلم } أي في الإسلام أي دوموا فيما دخلتم فيه كقولـهيا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسولـه } [النساء: 136] عن ابن عباس والسدي والضحاك ومجاهد، وقيل معناه ادخلوا في السلم في الطاعة عن الربيع، وهو اختيار البلخي والكلام محتمل للأمرين وحملـها على الطاعة أعم ويدخل فيه ما رواه أصحابنا من أن المراد به الدخول في الولاية { كافة } أي جميعاً أي أدخلوا جميعاً في الاسلام والطاعة والاستسلام وقيل معناه ادخلوا في السلم كلـه أي في جميع شرائع الاسلام ولا تتركوا بعضه معصية ويؤيد هذا القول ما روي أن قوماً من اليهود أسلموا وسألوا النبي أن يبقي عليهم تحريم السبت وتحريم لحم الإبل فأمرهم أن يلتزموا جميع أحكام الإسلام { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } أي آثاره ونزعاته لأن ترككم شيئاً من شرائع الإسلام اتباع للشيطان { إنه لكم عدو مبين } أي مظهر للعداوة بامتناعه من السجود لآدم بقولـهلأحتنكن ذريته إلاّ قليلاً } [الإسراء: 62].